58- { أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين } .
أو تقول النفس المذنبة عند مشاهدة العذاب يوم القيامة يا ليت لي رجعة إلى الدنيا حتى أتمكن من الإيمان والعمل الصالح والإحسان .
قال ابن عباس : أخبر الله تعالى ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه .
قال تعالى : { ولا ينبئك مثل خبير } . ( فاطر : 14 ) .
وجاء في حاشية الجمل على الجلالين :
إن الكافر أولا يتحسّر ، ثم يحتجّ بحجج واهية ، ثم يتمنى الرجوع إلى الدنيا . ا ه
ولو رجع هذا الكافر إلى الدنيا لعاد إلى ضلاله ، كما قال تعالى : { ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه وإنهم لكاذبون } ( الأنعام : 28 )
" أو تقول حين ترى العذاب " يعني أن هذه النفس تقول حين ترى العذاب " لو أن لي كرة " أي تتمنى الرجعة . " فأكون من المحسنين " نصب على جواب التمني ، وإن شئت كان معطوفا على " كرة " لأن معناه أن أكر ، كما قال الشاعر{[13331]} :
للبسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني *** أحبُّ إليّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ
فما لكَ منها غيرُ ذكرى وخشيةٍ *** وتسألَ عن رُكْبَانِهَا أين يَمَّمُوا
فنصب وتسأل على موضع الذكرى ؛ لأن معنى الكلام فما لك منها إلا أن تذكر . ومنه للبس عباءة وتقر ، أي لأن ألبس عباءة وتقر . وقال أبو صالح : كان رجل عالم في بني إسرائيل وجد رقعة : إن العبد ليعمل الزمان الطويل بطاعة الله فيختم له عمله بعمل أهل النار فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بمعصية الله ثم يختم له عمله بعمل رجل من أهل الجنة فيدخل الجنة ، فقال : ولأي شيء أتعب نفسي فترك عمله وأخذ في الفسوق والمعصية ، وقال له إبليس : لك عمر طويل فتمتع في الدنيا ثم تتوب ، فأخذ في الفسوق وأنفق ماله في الفجور ، فأتاه ملك الموت في ألذ ما كان ، فقال : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، ذهب عمري في طاعة الشيطان ، فندم حين لا ينفعه الندم ، فأنزل الله خبره في القرآن . وقال قتادة : هؤلاء أصناف : صنف منهم قال : " يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله " . وصنف منهم قال : " لو أن الله هداني لكنت من المتقين " . وقال آخر : " لو أن لي كرة فأكون من المحسنين "
ولما ذكر حالها في الاعتراف بالبطلان ، ثم الفزع إلى الزور والبهتان ، أتبعه التمني الذي لا يفيد غير الخسران ، فقال : { أو تقول } أي تلك النفس المفرطة { حين ترى العذاب } أي الذي هاجمها للرحمة أو النقمة : { لو أن } أي يا ليت { لي كرة } أي رجعة إلى دار العمل لأتمكن منه { فأكون } أي فيتسبب عن رجوعي إليها أن أكون { من المحسنين * } أي العاملين بالإحسان الذي دعا إليه القرآن ، هذا الإعراب - وهو عطفه على الجواب - أوفق لبقية الآيات التي من سلكه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.