في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

حتى إذا انتهت الرحلة ، صار إلى النهاية التي يصير إليها كل حي . بلا اختيار ولا فرار :

( ثم أماته فأقبره ) . .

فأمره في نهايته كأمره في بدايته ، في يد الذي أخرجه إلى الحياة حين شاء ، وأنهى حياته حين شاء ، وجعل مثواه جوف الأرض ، كرامة له ورعاية ، ولم يجعل السنة أن يترك على ظهرها للجوارح والكواسر . وأودع فطرته الحرص على مواراة ميته وقبره . فكان هذا طرفا من تدبيره له وتقديره .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

المفردات :

فأقبره : أمر بدفنه تكرمة له .

التفسير :

21 ، 22 ، 23- ثم اماته فأقبره* ثم إذا شاء أنشره* كلاّ لما يقض ما أمره .

حين انتهت حياة الإنسان أمر الله أن يدفن في الأرض تكرمة له ، ولم يتركه جزرا للسباع .

قال تعالى : منها خلقناهم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ( طه : 55 ) .

فالأرض أمنا نأكل من خيراتها ، ونعيش على ظهرها ، وبعد الموت ندفن في باطنها .

قال تعالى : ألم نجعل الأرض كفاتا* أحياء وأمواتا . ( المرسلات : 25 ، 26 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

{ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي : أكرمه بالدفن ، ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها على وجه الأرض ،

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

قوله تعالى : " ثم أماته فأقبره " أي جعل له قبرا يواري فيه إكراما ، ولم يجعله مما يلقي على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي{[15806]} . قاله الفراء . وقال أبو عبيدة : " أقبره " : جعل له قبرا ، وأمر أن يقبر . قال أبو عبيدة : ولما قتل عمر بن هبيرة صالح بن عبد الرحمن ، قالت بنو تميم ودخلوا عليه : أقبرنا صالحا . فقال : دونكموه . وقال : " أقبره " ولم يقل قبره ؛ لأن القابر هو الدافن بيده ، قال الأعشى :

لو أسنَدَتْ مَيْتاً إلى نحرِها *** عاشَ ولم يُنْقَلْ إلى قَابِرِ

يقال : قبرت الميت : إذا دفنته ، وأقبره الله : أي صيره بحيث يقبر ، وجعل له قبرا ، تقول العرب : بترت ذنب البعير ، وأبتره الله ، وعضبت قرن الثور ، وأعضبه الله ، وطردت فلانا ، والله أطرده ، أي صيره طريدا .


[15806]:العوافي: طلاب الرزق من الإنس والدواب والطير، والمراد هنا: الوحوش والبهائم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

ولذلك عقبه بقوله عاداً الموت من النعم لأنه لو دام الإنسان حياً مع ما يصل إليه من الضغف والخوف لكان في غاية البشاعة والشماتة لأعدائه والمساءة لأوليائه على أن الموت سبب الحياة الأبدية : { ثم } أي بعد أمور قدرها سبحانه من أجل وتقلبات { أماته } وأشار إلى إيجاب المبادرة إلى التجهيز بالفاء المعقبة في قوله { فأقبره * } أي جعل له قبراً فغيبه فيه-{[71704]} وأمر بدفنه تكرمة له وصيانة عن السباع ، والإقبار جعلك للميت قبراً وإعطاؤك القتيل لأهله ليدفنوه ، والمعنى الامتنان بأنه جعل للأنسان موضعاً يصلح لدفنه وجعله بعد الموت بحيث يتمكن من دفنه{[71705]} ، ولو شاء لجعله يتفتت مع النتن ونحوه مما{[71706]} يمنع من قربانه ، أو جعله بحيث يتهاون به فلا يدفن كبقية الحيوانات ، فقد عرف بهذا أن أول الإنسان نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة ، فما شرفه بالعلم إلا الذي أبدعه وصوره ، وذلك موجب لأن يشكره لا أن يكفره .


[71704]:زيد من ظ و م.
[71705]:من ظ و م، وفي الأصل: يمكن.
[71706]:من ظ و م، وفي الأصل: فما.