في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

ومن هذه الجولة الكبيرة العميقة الأثر بمشاهدها ولمساتها الكثيرة ، يعود السياق بهم إلى لمحات من هذا الكون الذي يعيشون فيه حياتهم ، وهم غافلون عما تشي به هذه اللمحات من التدبير والتقدير ، الذي يشملهم كذلك ، ويقدر بإحكام ما يتوارد عليهم من أحوال :

( فلا أقسم بالشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق . . لتركبن طبقا عن طبق ) . .

وهذه اللمحات الكونية التي يلوح بالقسم بها ، لتوجيه القلب البشري إليها ، وتلقي إيحاءاتها وإيقاعاتها . . لمحات ذات طابع خاص . طابع يجمع بين الخشوع الساكن ، والجلال المرهوب . وهي تتفق في ظلالها مع ظلال مطلع السورة ومشاهدها بصفة عامة .

فالشفق هو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب . . وبعد الغروب تأخذ النفس روعة ساكنة عميقة . ويحس القلب بمعنى الوداع وما فيه من أسى صامت وشجى عميق . كما يحس برهبة الليل القادم ، ووحشة الظلام الزاحف . ويلفه في النهاية خشوع وخوف خفي وسكون !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

تأكيد وقوع القيامة وما يتبعها من الأهوال

{ فلا أقسم بالشّفق 16 والليل وما وسق 17 والقمر إذا اتّسق 18 لتركبنّ طبقا عن طبق 19 فما لهم لا يؤمنون 20 وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون 21 بل الذين كفروا يكذّبون 22 والله أعلم بما يوعون 23 فبشّرهم بعذاب أليم 24 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون 25 }

المفردات :

فلا أقسم : أقسم ، و ( لا ) مزيدة .

الشفق : الحمرة في الأفق بعد الغروب .

16

التفسير :

16- فلا أقسم بالشّفق .

والشفق : هو الحمرة التي تظهر في الأفق الغربيّ بعد غروب الشمس ، وهو ضياء من شعاعها ، وسمّي شفقا لرقته ، ومنه : الشفقة : لرقة القلب .

و ( لا ) هنا زائدة ، والمعنى : أقسم بالشفق ، ويمتد الشفق من المغرب إلى العشاء .

وقد أخرج الإمام مسلم ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وقت المغرب ما لم يغب الشفق ) .

ولكن صحّ عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : فلا أقسم بالشّفق . هو النهار كله ، وإنما حمله على ذلك قرنه بقوله تعالى : والليل وما وسق . أي : جمع ، كأنه أقسم بالضياء والظلام .

قال ابن جرير : أقسم الله بالنهار مدبرا وبالليل مقبلاvi .