في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

73

كذلك نشأ هذا الوهم من عدم إدراكهم لطبيعة الكون وطبيعة الملائكة ، وأنهم ليسوا مهيئين للاستقرار في الأرض وهم في صورتهم الملائكية حتى يميزهم الناس ويستيقنوا أنهم ملائكة .

( قل : لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) .

فلو قدر الله أن الملائكة تعيش في الأرض لصاغهم في صورة آدمية ، لأنها الصورة التي تتفق مع نواميس الخلق وطبيعة الأرض ، كما قال في آية أخرى : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ) والله قادر على كل شيء ، ولكنه خلق نواميس وبرأ مخلوقاته وفق هذه النواميس بقدرته واختياره ، وقدر أن تمضي النواميس في طريقها لا تتبدل ولا تتحول ، لتحقق حكمته في الخلق والتكوين - غير أن القوم لا يدركون !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

القول في تأويل قوله تعالى { قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاً رّسُولاً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء الذين أبوا الإيمان بك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي ، استنكارا لأن يبعث الله رسولاً من البشر : لو كان أيها الناس في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ، لَنَزّلْنَا عليهم من السماء ملَكا رسولاً ، لأن الملائكة إنما تراهم أمثالهم من الملائكة ، ومن خصّه الله من بني آدم برؤيتها ، فأما غيرهم فلا يقدرون على رؤيتها فكيف يبعث إليهم من الملائكة الرسل ، وهم لا يقدرون على رؤيتهم وهم بهيئاتهم التي خلقهم الله بها ، وإنما يرسل إلى البشر الرسول منهم ، كما لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ، ثم أرسلنا إليهم رسولاً أرسلناه منهم ملَكا مثلهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

معنى قوله : { لو كان في الأرض ملائكة يمشون } الخ : أن الله يرسل الرسول للقوم من نوعهم للتمكين من المخالطة لأن اتحاد النوع هو قوام تيسير المعاشرة ، قال تعالى : { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلاً } [ الأنعام : 9 ] ، أي في صورة رجل ليمكن التخاطب بينه وبين الناس .

وجملة { يمشون } وصف ل { ملائكة } .

و { مطمئنين } حال . والمطمئن : الساكن . وأريد به هنا المتمكن غير المضطرب ، أي مشي قرار في الأرض ، أي لو كان في الأرض ملائكة قاطنون على الأرض غير نازلين برسالة للرسل لنزلنا عليهم ملكاً .

ولما كان المشي والاطمئنان في الأرض من صفة الإنسان آل المعنى إلى : لو كنتم ملائكة لنزلنا عليكم من السماء ملكاً فلما كنتم بشراً أرسلنا إليكم بشراً مثلكم .

ومجيء الهدى هو دعوة الرسل إلى الهُدى .