في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

إنها إذن قسمة غير عادلة قسمتكم بين أنفسكم وبين الله ! ( تلك إذن قسمة ضيزى ! ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

وقوله : ألَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى يقول : أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه ، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى يقول جلّ ثناؤه : قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية ، ناقصة غير تامة ، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم ، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه ، والعرب تقول : ضِزته حقه بكسر الضاد ، وضُزته بضمها فأنا أضيزه وأضوزه ، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته وحُدثت عن معمر بن المثنى قال : أنشدني الأخفش :

فإنْ تَنْأَ عَنّا نَنْتَقِصْكَ وَإنْ تَغِبْ *** فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وأنْفُكَ رَاغِمُ

ومن العرب من يقول : ضَيْزى بفتح الضاد وترك الهمز فيها ومنهم من يقول : ضأزى بالفتح والهمز ، وضُؤزى بالضم والهمز ، ولم يقرأ أحد بشيء من هذه اللغات . وأما الضّيزى بالكسر فإنها فُعلى بضم الفاء ، وإنما كُسرت الضاد منها كما كسرت من قولهم : قوم بيض وعِين ، وهي «فُعْل » لأن واحدها : بيضاء وعيناء ليؤلفوا بين الجمع والاثنين والواحد ، وكذلك كرهوا ضمّ الضاد من ضِيزَى ، فتقول : ضُوزَى ، مخافةِ أن تصير بالواو وهي من الياء . وقال الفرّاء : إنما قضيت على أوّلها بالضمّ ، لأن النعوت للمؤنث تأتي إما بفتح ، وإما بضمّ فالمفتوح : سكْرَى وعَطشى والمضموم : الأنثى والحُبلى فإذَا كان اسما ليس بنعت كسر أوّله ، كقوله : وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت ، وكذلك الشّعَرى كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : قِسْمَةٌ ضِيزَى قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها ، فقال بعضهم : قِسْمة عَوْجاء . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : عوجاء .

وقال آخرون : قسمة جائرة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة تِلكَ إِذا قِسْمَةٌ ضِيزَى يقول : قسمة جائرة .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : قسمة جائرة .

حدثنا محمد بن حفص أبو عبيد الوصائيّ ، قال : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن ابن عمرة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : تلك إذا قسمة جائرة لا حقّ فيها .

وقال آخرون : قسمة منقوصة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : منقوصة .

وقال آخرون : قسمة مخالفة . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : جعلوا لله تبارك وتعالى بنات ، وجعلوا الملائكة لله بنات ، وعبدوهم ، وقرأ أَمِ اتّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بَناتٍ وأصْفاكُمْ بالبَنِينَ وَإذَا بُشّرَ . . . الاَية ، وقرأ وَيجْعَلُونَ لِلّهِ البَناتِ . . . إلى آخر الاَية ، وقال : دعوا لله ولدا ، كما دعت اليهود والنصارى ، وقرأ كَذَلِكَ قالَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال : والضيزى في كلام العرب : المخالفة ، وقرأ إنْ هِيَ إلاّ أسمْاءٌ سَمّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤكُمْ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

{ تلك إذاً قسمة ضيزى } أي عوجاء ، قاله مجاهد ، وقيل { ضيزى } معناه : جائرة ، قاله ابن عباس وقتادة ، وقال سفيان معناه : منقوصة ، وقال ابن زيد معناه : مخالفة ، والعرب تقول : ضزته حقه أضيزه ، بمعنى : منعته منه وظلمته فيه ، و : { ضيزى } من هذا التصريف وأصلها فُعلى بضم الفاء ضوزى لأنه القياس ، إذ لا يوجد في الصفات فِعلى بكسر الفاء ، كذا قال سيبويه وغيره ، فإذا كان هذا فهي ضوزى : كسر أولها كما كسر أول عِين وبيض طلباً للتخفيف ، إذ الكسرة والياء أخف من الضمة والواو كما قالوا بيوت وعصى هي في الأصل فعول بضم الفاء ، وتقول العرب : ضزته أضوزه فكان يلزم على هذا التصريف أن يكون ضوزى فعلى ، وفي جميع هذا نظر .

وقرأ ابن كثير : «ضئيزى » بالهمز على أنه مصدر كذكرى ، وقرأ الجمهور بغير همز .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

وجملة { تلك إذا قسمة ضيزى } تعليل للإنكار والتهكم المفاد من الاستفهام في { ألكم الذكر وله الأنثى } ، أي قد جرتُم في القسمة وما عدلتم فأنتم أحقاء بالإِنكار .

والإِشارة ب { تلك } إلى المذكور باعتبار الإِخبار عنه بلفظ { قسمة } فإنه مؤنث اللفظ .

و { إذن } حرف جواب أريد به جواب الاستفهام الإِنكاري ، أي ترتب على ما زعمتم أن ذلك قسمة ضِيزى ، أي قسمتم قسمة جائرة .

و { ضيزى } : وزنه فُعْلى بضم الفاء من ضازة حَقَّه ، إذا نقصه ، وأصل عين ضاز همزة ، يقال : ضَأَزه حقه كمنعه ثم كثر في كلامهم تخفيف الهمزة فقالوا : ضَازهُ بالألف . ويجوز في مضارعه أن يكون يائي العين أو واويها قال الكسائي : يجوز ضَاز يضِيز ، وضَاز يضُوز . وكأنه يريد أن لك الخيار في المهموز العين إذا خفف أن تُلحقه بالواو أو الياء ، لكن الأكثر في كلامهم اعتبار العين ياء فقالوا : ضَازه حقه ضَيْزاً ولم يقولوا ضَوْزاً لأن الضوز لوك التمر في الفم ، فأرادوا التفرقة بين المصدرين ، وهذا من محاسن الاستعمال وعن المؤرّج السَّدُوسي كرهوا ضم الضاد في ضوزى فقالوا : ضيزى . كأنه يريد استثقلوا ضم الضاد ، أي في أول الكلمة مع أن لهم مندوحة عنه بالزنة الأخرى .

ووزن { ضيزى } : فُعْلى اسم تفضيل { مثل كُبْرى وطُوبى } أي شديدة الضيز فلما وقعت الياء الساكنة بعد الضمة حرّكوه بالكسر محافظة على الياء لئلا يقلبوها واواً فتصير ضوزى وهو ما كرهوه كما قال المؤرج . وهذا كما فعلوا في بيض جمع أبيض ولو اعتبروه تفضيلاً من ضاز يضوز لقالوا : ضُوزى ولكنهم أهملوه .

وقيل : وزن { ضِيزى } فِعلى بكسر الفاء على أنه اسم مثل دِفلى وشِعْرى ، ويبعِّد هذا أنه مشتق فهو بالوصفية أجدر . قال سيبويه : لا يوجد فِعلَى بكسر الفاء في الصفات ، أو على أنه مصدر مثل ذِكرى وعلى الوجهين كسرته أصلية .

وقرأ الجمهور { ضيزى } بياء ساكنة بعد الضاد . وقرأه ابن كثير بهمزة ساكنة بعد الضاد مراعاة لأصل الفعل كما تقدم آنفاً . وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر لأن التفكير في الجور كفعله فإن تخيلات الإِنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{تلك إذا قسمة ضيزى} يعني جائزة عوجاء أن يكون لهم الذكر وله الأنثى..

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"ألَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى "يقول: أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم.

"تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى" يقول جلّ ثناؤه: قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية، ناقصة غير تامة، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه، والعرب تقول: ضِزته حقه -بكسر الضاد- وضُزته –بضمها- فأنا أضيزه وأضوزه، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته... وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: "قِسْمَةٌ ضِيزَى" قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها، فقال بعضهم: قِسْمة عَوْجاء... وقال آخرون: قسمة جائرة... وقال آخرون: قسمة منقوصة... وقال آخرون: قسمة مخالفة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{تلك إذا قسمة ضيزى} فيه مسائل:

المسألة الأولى: (تلك) إشارة إلى ماذا؟ نقول إلى محذوف تقديره تلك القسمة قسمة ضيزى أي غير عادلة، ويحتمل أن يقال معناه تلك النسبة قسمة، وذلك لأنهم ما قسموا وما قالوا لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى: {ويجعلون لله ما يكرهون} فلما نسبوا إلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائزة وهذا الخلاف لا يرهق.

المسألة الثانية: {إذا} جواب ماذا؟ نقول يحتمل وجوها: (الأول) نسبتكم البنات إلى الله تعالى إذا كان لكم البنون قسمة ضيزى (الثاني) نسبتكم البنات إلى الله تعالى مع اعتقادكم أنهن ناقصات واختياركم البنين مع اعتقادكم أنهم كاملون إذا كنتم في غاية الحقارة والله تعالى في نهاية العظمة قسمة ضيزى.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان الاستفهام إنكارياً رد الإنكار بقوله فذلكة لفعلهم: {تلك} أي هذه القسمة البعيدة عن الصواب {إذاً} أي إذ جعلتم البنات له والبنين لكم {قسمة ضيزى}.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: ظالمة جائرة، وأي ظلم أعظم من قسمة تقتضي تفضيل العبد المخلوق على الخالق؟ تعالى عن قولهم علوا كبيرا.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {تلك إذا قسمة ضيزى} تعليل للإنكار والتهكم المفاد من الاستفهام في {ألكم الذكر وله الأنثى}، أي قد جرتُم في القسمة وما عدلتم فأنتم أحقاء بالإِنكار.والإِشارة ب {تلك} إلى المذكور باعتبار الإِخبار عنه بلفظ {قسمة} فإنه مؤنث اللفظ. و {إذن} حرف جواب أريد به جواب الاستفهام الإِنكاري، أي ترتب على ما زعمتم أن ذلك قسمة ضِيزى، أي قسمتم قسمة جائرة. وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر، لأن التفكير في الجور كفعله، فإن تخيلات الإِنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي جائرة لا تخضع للعدل في ميزان التقييم بالقياس إلى المفهوم السائد عندهم، أمّا عند الله، فلا فرق بين الذكر والأنثى، فكل واحدٍ منهما مخلوقٌ له، ولا علاقة له بأحدهما دون الآخر، فالجميع متساوون أمامه في العبودية.