في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

28

ذلك الذي قاله المترفون من كبراء قريش قاله قبلهم كل مترف أمام كل رسالة :

( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها : إنا بما أرسلتم به كافرون ) . .

فهي قصة معادة ، وموقف مكرور ، على مدار الدهور . وهو الترف يغلظ القلوب ، ويفقدها الحساسية ؛ ويفسد الفطرة ويغشيها فلا ترى دلائل الهداية ؛ فتستكبر على الهدى وتصر على الباطل ، ولا تتفتح للنور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مّن نّذِيرٍ إِلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما بعثنا إلى أهل قرية نذيرا يُنذرهم بأسَنا أن ينزل بهم على معصيتهم إيانا ، إلاّ قال كُبراؤها ورؤساؤها في الضلالة كما قال قوم فرعون من المشركين له : إنا بما أُرسلتم به من النّذارة ، وبُعثتم به من توحيد الله ، والبراءة من الآلهة والأنداد كافرون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما أرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلاّ قالَ مُتْرَفُوها إنّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ قال : هم رؤوسهم وقادتهم في الشرّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن فعل قريش وقولها أي هذه يا محمد سيرة الأمم فلا يهمنك أمر قومك ، و «القرية » المدينة ، و «المترف » المنع البطال الغني القليل تعب النفس والجسم فعادتهم المبادرة بالتكذيب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

اعتراض للانتقال إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم مما مُنيَ به من المشركين من أهل مكة وبخاصة مَا قابله به سادتهم وكبراؤهم من التأليب عليْه بتذكيره أن تلك سنة الرسل من قبله فليس في ذلك غضاضة عليه ، ولذلك قال في الآية في الزخرف { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة ( 23 ) الخ ، أي وكذلك التكذيب الذي كذبك أهل هذه القرية . والتعريض بقومه الذين عادَوه بتذكيرهم عاقبة أمثالهم من أهل القرى التي كذَّب أهلها برسلهم وأغراهم بذلك زعماؤهم .

والمترَفون : الذين أُعطُوا التَرَف ، والترف : النعيم وسعة العيش ، وهو مبني للمفعول بتقدير : إن الله أترفهم كما في قوله تعالى : { وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا } في سورة المؤمنون ( 33 ) .

وفي بنائه للمفعول تعريض بالتذكير بنعمة الله عليهم لعلّهم يشكرونها ويقلعون عن الإِشراك به ، وبعض أهل اللغة يقول تقديره : أترفتهم النعمة ، أي أبطرتهم .

و{ إنا بما أرسلتم } حكاية للقول بالمعنى : أي قال مترفو كل قرية لرسولهم : إنا بما أرسلتَ به كافرون . وهذا من مقابلة الجمع بالجمع التي يراد منها التوزيع على آحاد الجمع .

وقولهم : { أرسلتم به } تهكم بقرينة قولهم : { كافرون } وهو كقوله تعالى : { وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] ؛ أو المعنى : إنّا بما ادّعيتم أنكم أرسلتم به .