تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

الآية 34 وقوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مُترَفُوها إنما بما أرسلتم به كافرون } قال بعضهم : المُترَف المتكبّر . وقال آخرون : المُترف هو الذي يجمع أصناف المال مع العناد والتكبّر . وقال بعضهم : المُترفون الرؤساء منهم .

وهذا ينقض على المعتزلة قولهم : إن الله لا يفعل إلا ما هو أصلح{[17048]} في الدين . ولا شك أن هؤلاء المترفين إنما قالوا ما قالوا ، أو فعلوا ما فعلوا لسِعتهم وبسطهم في المال . فلو لم يكن ذلك لهم ما فعلوا ذلك . دل أن المنع لهم عن ذلك أصلح لهم من البسط ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مُترَفوها } المُترَف ما ذُكر ، قال بعضهم : المُترف المتجبّر . وقال بعضهم : المُترف الذي يجمع مع الكبر والعناد والأموال . وقال بعضهم : مترفوها أغنياؤها ، وكله واحد . وفيه ردّ قول المعتزلة في الأصلح على ما ذكرنا .

وقوله تعالى : { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا } يخرّج قولهم ذلك لوجهين :

أحدهما : قالوا ذلك : إنا أوتينا في الدنيا الأموال والأولاد ، فلا يعذّبنا في الآخرة ، على ما يزعمون .

[ والثاني : قالوا ]{[17049]} ذلك : إنك لو كنت بُعِثت رسولا على ما تزعم فنحن أولى بالرسالة منك لأنا أكثر أموالا وأولادا ، والله أعلم .


[17048]:أدرج بعدها في الأصل وم: له.
[17049]:في الأصل وم: أو أن يقولوا.