فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

ولما قص سبحانه حال من تقدم من الكفار أتبعه بما فيه التسلية لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبيان أن كفر الأمم السابقة بمن أرسل إليهم من الرسل هو كائن مستمر في الأعصر الأول فقال :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ } من القرى { مِّن نَّذِيرٍ } ينذرهم ويحذرهم عقاب الله { إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا } حال من قرية وإن كانت نكرة لوقوعها في سياق النفي ، والمعنى : قال متنعموها ورؤساؤها وأغنياؤها وجبابرتها وقادة الشر لرسلهم .

{ إِنَّا بِمَا } أي بالذي { أُرْسِلْتُم بِهِ } من الإيمان والتوحيد { كَافِرُونَ } .

عن أبي رزين قال : كان رجلان شريكين خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ما فعل ، فكتب إليه إنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فترك تجارته ثم أتى صاحبه ، فقال : دلني عليه وكان يقرأ الكتب فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إلام تدعو ؟ قال إلى كذا وكذا قال : أشهد أنك رسول الله . قال : وما علمك بذلك ؟ قال : إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم فنزلت هذه الآية فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم . أن الله قد أنزل تصديق ما قلت ، ثم ذكر سبحانه ما افتخروا به من الأموال والأولاد وما قاسوا حالهم في الدار الآخرة على حالهم في هذه الدار على تقدير صحة ما أنذرهم به الرسل ، فقال : { وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا }