البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (34)

{ وما أرسلنا } الآية : هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما مني به من قومه قريش ، من الكفر والافتخار بالأموال والأولاد .

وإن ما ذكروا من ذلك هو عادة المترفين مع أنبيائهم ، فلا يهمنك أمرهم .

و { من نذير } : عام ، أي تنذرهم بعذاب الله إن لم يوحدوه .

و { قال مترفوها } : جملة حالية ، ونص على المترفين لأنهم أول المكذبين للرسل ، لما شغلوا به من زخرفة الدنيا وما غلب على عقولهم منها ، فقلوبهم أبداً مشغولة منهمكة بخلاف الفقراء .

فإنهم خالون من مستلذات الدنيا ، فقلوبهم أقبل للخير ، ولذلك هم أتباع الأنبياء ، كما جاء في حديث هرقل .

وبما متعلق بكافرون ، وبه متعلق بأرسلتم ، وما عامة في ما جاءت به النذر من طلب الإيمان بالله وإفراده بالعبادة والأخبار بأنهم رسله إليهم ، والبعث والجزاء على الأعمال .