في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

كل ذلك ومثله تزويجهم بحور عين ، يتم بهن النعيم . وهم في الجنة أصحاب الدار ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَذَلِكَ وَزَوّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاّ الْمَوْتَةَ الاُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مّن رّبّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : كما أعطينا هؤلاء المتقين في الاخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات ، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق ، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء ، وهن النقيات البياض ، واحدتهنّ : حَوْراء . وكان مجاهد يقول في معنى الحُور ، ما :

حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : أنكحناهم حورا . قال : والحُور : اللاتي يحار فيهنّ الطرف بادٍ مُخّ سوقهنّ من وراء ثيابهنّ ، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهنّ كالمرآة من رقة الجلد ، وصفاء اللون ، وهذا الذي قاله مجاهد من أن الحور إنما معناها : أنه يحار فيها الطرف ، قول لا معنى له في كلام العرب ، لأن الحُور إنما هو جمع حوراء ، كالحمر جمع حمراء ، والسود : جمع سوداء ، والحوراء إنما هي فعلاء من الحور وهو نقاء البياض ، كما قيل للنقيّ البياض من الطعام الحُوّاري . وقد بيّنا معنى ذلك بشواهده فيما مضى قبل . وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال سائر أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : كَذَلكَ وَزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : بيضاء عيناء ، قال : وفي قراءة ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » .

حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بِحُورٍ عِينٍ قال : بيض عين ، قال : وفي حرف ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » . وقرأ ابن مسعود هذه ، يعني أن معنى الحور غير الذي ذهب إليه مجاهد ، لأن العيس عند العرب جمع عيساء ، وهي البيضاء من الإبل ، كما قال الأعشي :

وَمَهْمَةً نازِحٍ تَعْوِي الذّئابُ بِهِ *** كَلّفْتُ أَعْيَسَ تَحْتَ الرّحْلِ نَعّابا

يعني بالأعيس : جملاً أبيض . فأما العين فإنها جمع عيناء ، وهي العظيمة العينين من النساء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

وقوله : { كذلك وزوجناهم } تقديره : والأمر كذلك .

وقرأ الجمهور : «عين » وهو جمع عيناء{[10248]} . وقرأ ابن مسعود : «عيس » ، وهو جمع عيساء ، وهي أيضاً البيضاء{[2]} ، وكذلك هي من النوق .

وقرأ عكرمة : «بحورِ عين » على ترك التنوين في «حور » وأضافها إلى «عين » . قال أبو الفتح : الإضافة هنا تفيد ما تفيد الصفة ، وروى أبو قرصافة{[10248]} عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إخراج القمامة من المسجد من مهور الحور العين » .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[10248]:أبو قرصافة-بكسر القاف- هو جندرة- بفتح الجيم وسكون الون ثم دال مهملة مفتوحة- ابن خيشنة، صحابي جليل، نزل بالشام، مشهور بكنيته.(تقريب التهذيب).والحديث ذكره القرطبي في تفسيره ولم يخرجه.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{كذلك وزوجناهم بحور} يعني بيض الوجوه.

{عين}، يعني حسان العيون.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء، وهن النقيات البياض، واحدتهنّ: حَوْراء...

فأما "العين "فإنها جمع عيناء، وهي العظيمة العينين من النساء.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{عين} أي حِسان الأعين. وقال بعض أهل الأدب: الحَوَر في العين، هو شدة سوادها وبياض بياضها، والعيناء الحسنة العينين، فالجماعة على هيئة واحدة في هذا الباب في المذكر والمؤنث...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{كذلك} الكاف مرفوع على الأمر كذلك، أو منصوب على: مثل ذلك أثبناهم

{وزوجناهم} وقرأ عكرمة «بحور عين» على الإضافة: والمعنى: بالحور من العين؛ لأن العين إما أن تكون حوراً أو غير حور، فهؤلاء من الحور العين لا من شهلهن مثلاً.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا أمراً يبهر العقل، فلا يكاد يتصوره، قال مؤكداً له: {كذلك} أي الأمر كما ذكرنا سواء لا مرية فيه.

ولما كان ذلك لا يتم السرور به إلا بالأزواج قال: {وزوجناهم} أي قرناهم كما تقرن الأزواج، وذكر مظهر العظمة تنبيهاً على كمال الشرف.

{بحور} أي على- حسب التوزيع بجواري بيض حسان نقيات الثياب.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{كذلك} اعتراض وقد تقدم بيان معناه عن قوله تعالى: {كذلك وقد أحطنا بما لديه خُبْراً} في سورة الكهف (91). وتقدم نظيره آنفاً في هذه السورة.

{وزوجناهم بِحُورٍ عِينٍ}.

معنى {زوجناهم} جعلناهم أزواجاً جمع زوج ضد الفرد، أي جعلنا كل فرد من المتقين زوجاً بسبب نساءٍ حور العيون.

والزوج هنا كناية عن القرين، أي قرنَّا بكل واحد نساءً حوراً عيناً، وليس فعل {زوجناهم} هنا مشتقاً من الزوج الشائعِ إطلاقُه على امرأة الرجل وعلى رجل المرأة لأن ذلك الفعل يتعدى بنفسه يقال: زوجه ابنتَه وتزوج بنت فلان، قال تعالى: {زوَّجناكها} [الأحزاب: 37]، وليس ذلك بمراد هنا إذ لا طائل تحته، إذ ليس في الجنة عقود نكاح، وإنما المراد أنهم مأنوسون بصحبة حبائب من النساء كما أنسوا بصحبة الأصحاب والأحبة من الرجال استكمالاً لمتعارف الأنس بين الناس. وفي كلا الأنسين نعيم نفساني منجرّ للنفس من النعيم الجثماني، وَهذا معنًى ساممٍ من معاني الانبساط الروحي وإنما أفسد بعضه في الدّنيا ما يخالط بعضه من أحوال تجرّ إلى فساد منهي عنه مثل ارتكاب المحرم شرعاً ومثل الاعتداء على المرأة قسراً، ومن مصطلحات متكلفة، وقد سمى الله سكوناً فقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنُوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً} [الروم: 21].

والحور: جمع الحوراء، وهي البيضاء، أي بنساء بيضات الجلد.

والعِين: جمع العيناء، وهي واسعة العين، وتقدم في سورة الصافات. وشمل الحور العين النساء اللائي كُنَّ أزواجهن في الدنيا، ونساءً يخلقهن الله لأجل الجنة قال تعالى: {إنا أنشأناهن إنشاءً} [الواقعة: 35] وقال تعالى: {هم وأزواجهم في ظلالٍ} [يس: 56].