في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

55

( الذين عاهدت منهم ثم ينقضون في كل مرة وهم لا يتقون )

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ عَاهَدْتّ مِنْهُمْ ثُمّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلّ مَرّةٍ وَهُمْ لاَ يَتّقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إن شرّ الدوابّ عند الله الذين كفروا ، الذين عاهدت منهم يا محمد ، يقول : أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك محاربا لك كقريظة ونظرائهم ممن كان بينك وبينهم عهد وعقد ، ثم ينقضون عهودهم ومواثيقهم ، كلما عاهدوا دافعوك وحاربوك وظاهروا عليك ، وهم لا يتقون الله ولا يخافون في فعلهم ذلك أن يوقع بهم وقعة تجتاحهم وتهلكهم . كالذي :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ قال : قريظة مالئوا على محمد يوم الخندق أعداءه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

وقوله : { الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } بدل من الذين كفروا بدل البعض للبيان والتخصيص ، وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمالئوا عليه فأعانوا المشركين بالسلاح وقالوا : نسينا ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤوهم عليه يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم . ومن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ والمراد بالمرة مرة المعاهدة أو المحاربة . { وهم لا يتقون } سبة الغدر ومغبته ، أو لا يتقون الله فيه أو نصره للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

وقوله { الذين عاهدت منهم } يحتمل أن يريد أن الموصوف ب { شر الدواب } هم الذين لا يؤمنون المعاهدون من الكفار فكانوا شر الدواب على هذا بثلاثة أوصاف : الكفر والموافاة عليه والمعاهدة مع النقض ، و { الذين } على هذا بدل البعض من الكل ، ويحتمل أن يريد بقوله { الذين عاهدت } { الذين } الأولى ، فتكون بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة ، والمعنى على هذا الذين عاهدت فرقة أو طائفة منهم ، ثم ابتدأ يصف حال المعاهدين بقوله : { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } والمعاهدة في هذه الآية المسالمة وترك الحرب ، وأجمع المتأولون أن الآية نزلت في بني قريظة وهي بعد تعم كل من اتصف بهذه الصفة إلى يوم القيامة ، ومن قال إن المراد ب { الدواب } الناس فقول لا يستوفي المذمة ، ولا مرية في أن الدواب تعم الناس وسائر الحيوان ، وفي تعميم اللفظة في هذه الآية استيفاء المذمة ، وقوله { في كل مرة } يقتضي أن الغدر قد كان وقع منهم وتكرر ذلك ، وحديث قريظة هو أنهم عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ألا يحاربوه ولا يعينوا عليه عدواً من غيرهم ، فلما اجتمعت الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة غلب على ظن بني قريظة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مغلوب ومستأصل ، وخدع حيي بن أخطب النضري كعب بن أسد القرظي صاحب بني قريظة وعهدهم ، فغدروا ووالوا قريشاً وأمدوهم بالسلاح والأدراع ، فلما انجلت تلك الحال عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمره الله بالخروج إليهم وحربهم فاستنزلوا ، وضربت أعناقهم بحكم سعد بن معاذ ، واستيعاب القصة في سيرة ابن هشام ، وإنما اقتضبت منها ما يخص تفسير الآية .