هذا في جانب . . وفي الجانب الآخر ، الكافرون . الكافرون الذين لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم ؛ ولن تنفعهم نفقة ينفقونها في الدنيا ، ولن ينالهم شيء منها في الآخرة لأنها لم تتصل بخط الخير الثابت المستقيم . الخير المنبثق من الإيمان بالله ، على تصور واضح ، وهدف ثابت ، وطريق موصول . وإلا فالخير نزوة عارضة لا ثبات لها ، وجنوح يصرفه الهوى ، ولا يرجع إلى أصل واضح مدرك مفهوم ، ولا إلى منهج كامل شامل مستقيم . .
( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا . وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .
( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر ، أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته . وما ظلمهم الله ، ولكن أنفسهم يظلمون ) . .
وهكذا ترتسم هذه الحقيقة في مشهد ينبض بالحركة ويفيض بالحياة على طريقة التعبير القرآني الجميل . .
إن أموالهم وأولادهم ليست بمانعتهم من الله ، ولا تصلح فدية لهم من العذاب ، ولا تنجيهم من النار . . وهم أصحاب النار وكل ما ينفقونه من أموالهم فهو ذاهب هالك ، حتى ولو أنفقوه فيما يظنونه خيرا . فلا خير إلا أن يكون موصولا بالإيمان ، ونابعا من الإيمان . ولكن القرآن لا يعبر هكذا كما نعبر . إنما يرسم مشهدا حيا نابضا بالحياة . . .
{ إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
وهذا وعيد من الله عزّ وجلّ للأمة الأخرى الفاسقة من أهل الكتاب ، الذين أخبر عنهم بأنهم فاسقون وأنهم قد باءوا بغضب منه ، ولمن كان من نظرائهم من أهل الكفر بالله ورسوله ، وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عندالله . يقول تعالى ذكره : { إنّ الّذِينَ كَفَرُوا } يعني الذين جحدوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذبوا به ، وبما جاءهم به من عند الله¹ { لَنْ تُغْنِى عَنْهُمْ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادُهُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئا } يعني : لن تدفع أمواله التي جمعها في الدنيا وأولاده الذين رباهم فيها شيئا من عقوبة الله يوم القيامة إن أخرها لهم إلى يوم القيامة ، ولا في الدنيا إن عجلها لهم فيها . وإنما خصّ أولاده وأمواله ، لأن أولاد الرجل أقرب أنسبائه إليه ، وهو على ماله أقرب منه على مال غيره ، وأمره فيه أجوز من أمره في مال غيره ، فإذا لم يغن عنه ولده لصلبه وماله الذي هو نافذ الأمر فيه ، فغير ذلك من أقربائه وسائر أنسبائه وأموالهم أبعد من أن تغني عنه من الله شيئا . ثم أخبر جلّ ثناؤه أنهم هم أهل النار الذين هم أهلها بقوله : { وأُولَئِكَ أصحَابُ النّارِ }¹ وإنما جعلهم أصحابها ، لأنهم أهلها الذين لا يخرجون منها ولا يفارقونها ، كصاحب الرجل الذي لا يفارقه وقرينه الذي لا يزايله . ثم وكد ذلك بإخباره عنهم أنهم فيها خالدون ، صحبتهم إياها صحبة لا انقطاع لها ، إذْ كان من الأشياء ما يفارق صاحبه في بعض الأحوال ويزايله في بعض الأوقات ، وليس كذلك صحبة الذين كفروا النار التي أصلوها ، ولكنها صحبة دائمة لا نهاية لها ولا انقطاع ، نعوذ بالله منها ومما قرّب منها من قول وعمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.