في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (116)

93

هذا في جانب . . وفي الجانب الآخر ، الكافرون . الكافرون الذين لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم ؛ ولن تنفعهم نفقة ينفقونها في الدنيا ، ولن ينالهم شيء منها في الآخرة لأنها لم تتصل بخط الخير الثابت المستقيم . الخير المنبثق من الإيمان بالله ، على تصور واضح ، وهدف ثابت ، وطريق موصول . وإلا فالخير نزوة عارضة لا ثبات لها ، وجنوح يصرفه الهوى ، ولا يرجع إلى أصل واضح مدرك مفهوم ، ولا إلى منهج كامل شامل مستقيم . .

( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا . وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .

( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر ، أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته . وما ظلمهم الله ، ولكن أنفسهم يظلمون ) . .

وهكذا ترتسم هذه الحقيقة في مشهد ينبض بالحركة ويفيض بالحياة على طريقة التعبير القرآني الجميل . .

إن أموالهم وأولادهم ليست بمانعتهم من الله ، ولا تصلح فدية لهم من العذاب ، ولا تنجيهم من النار . . وهم أصحاب النار وكل ما ينفقونه من أموالهم فهو ذاهب هالك ، حتى ولو أنفقوه فيما يظنونه خيرا . فلا خير إلا أن يكون موصولا بالإيمان ، ونابعا من الإيمان . ولكن القرآن لا يعبر هكذا كما نعبر . إنما يرسم مشهدا حيا نابضا بالحياة . . .