اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (116)

لمَّا وصف المؤمنين بالصفاتِ الحَسَنة ، أتبعه بوعيد الكُفَّار ، ليجمع بين الوعدُ والْوَعيد ، والترغيب والترهيب .

قال ابْنُ عَبَّاسٍ : يريد قريظة والنضير ؛ لأن معاندتهم كانت لأجل المال ، لقوله تعالى : في سورة البقرة { تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } [ البقرة : 41 ] .

وقيل : نزلت في مشركي قريش ؛ فإن أبا جهل كان كثير الافتخار بماله .

وقيل : نزلت في أبي سفيان ؛ فإنه أنفق مالاً كثيراً على المشركين يوم بَدر وأحد .

وقيل : إنها عامة في جميع الكفار ؛ لأنهم كانوا يتعززون بكثرة الأموال ، ويعيرُون الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالفقر ، ويقولون : لو كان محمد على الحق ، لما تركه ربه في الفقر والشدة .

فالأولون قالوا : إن الآية مخصوصة ، وهؤلاء قالوا : إن اللفظ عام ، ولا دليلَ يوجب التخصيص ، وخص الأولاد ، لأنهم أقرب أنساباً إليهم .

واحتجَّ أهلُ السنة بقوله : { وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } عَلَى أن فُسَّاق أهل الصلاة لا يَبقون في النار أبداً ؛ لأن هذه الكلمة تفيد الحصر ، فيقال : أولئك أصحاب زيد ، لا غيرهم ، ولما أفادت معنى : " الحصر " ثبت أن الخلودَ في النار ليس إلاَّ ل " الكفار " .