في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (50)

37

وأخيراً . ها نحن أولاء نسمع صوتاً آتياً من قبل النار ، ملؤه الرجاء والاستجداء :

( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة : أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) !

وها نحن أولاء نلتفت إلى الجانب الآخر نسمع الجواب ملؤه التذكير الأليم المرير :

( قالوا : إن الله حرمهما على الكافرين . الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَنَادَىَ أَصْحَابُ النّارِ أَصْحَابَ الْجَنّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ حَرّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ } .

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استغاثة أهل النار بأهل الجنة عند نزول عظيم البلاء بهم من شدّة العطش والجوع ، عقوبة من الله لهم على ما سلف منهم في الدنيا من ترك طاعة الله وأداء ما كان فرض عليهم فيها في أموالهم من حقوق المساكين من الزكاة والصدقة . يقول تعالى ذكره : ونادى أصحاب النار بعد ما دخلوها أصحاب الجنة بعد ما سكنوها أن يا أهل الجنة : أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ أي أطعمونا مما رزقكم الله من الطعام . كما :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قال : من الطعام .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رزقَكُمُ اللّهُ قال : يستطعمونهم ويستسقونهم . فأجابهم أهل الجنة : إن الله حرّم الماء والطعام على الذين جحدوا توحيده وكذّبوا في الدنيا رسله .

والهاء والميم في قوله : إنّ اللّهَ حَرّمَهُما عائدتان على الماء ، وعلى «ما » التي في قوله : أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عثمان الثقفي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : وَنادَى أصحَابُ النّارِ أصحَابَ الجَنّةِ أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قال : ينادي الرجل أخاه أو أباه ، فيقول : قد احترقتُ ، أفض عليّ من الماء فيقال لهم : أجيبوهم فيقولون : إنّ اللّهَ حَرّمَهُما على الكافِرِينَ .

وحدثني المثنى ، قال : حدثنا ابن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن عثمان ، عن سعيد بن جبير : وَنادَى أصحَابُ النّارِ أصحَابَ الجَنّةِ أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قال : ينادي الرجل أخاه : يا أخي قد احترقت فأغثني فيقول : إنّ اللّهَ حَرّمَهُما على الكافِرِينَ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قالُوا إنّ اللّهَ حَرّمَهُما عَلى الكافِرِينَ قال : طعام أهل الجنة وشرابها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (50)

{ ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء } أي صبوه ، وهو دليل على أن الجنة فوق النار . { أو مما رزقكم الله } من سائر الأشربة ليلائم الإفاضة ، أو من الطعام كقوله : علفتها تبنا وماء باردا . { قالوا إن الله حرمهما على الكافرين } منعهما عنهم منع المحرم من المكلف .