تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (50)

الآية 50 وقوله تعالى : { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } قال الحسن : الماء مما رزقهم الله ، ولكن مكرّر مثنّى ، وقال أبو بكر : طلبوا الماء ليدفعوا عن أنفسهم ما اشتد بهم من الظمإ والعطش . ثم تقع لهم الحاجة إلى الطاعة ، لأن الرجل إذا اشتد به العطش والظمأ لا يتهيأ له الأكل ، ولكن يشبه أن يكون طلب بعضهم الماء وبعضهم الطعام الذي رزقهم الله . وهذا جائز ، وإن لم يذكر كقوله : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } [ البقرة : 111 ] لم يكن هذا القول من الفريقين ، ولكن كان من اليهود { إلا من كان هودا } [ أو من النصارى ]{[8406]} { أو نصارى } فعلى ذلك هذا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن الله حرّمهما على الكافرين } قيل : هذا مقابل قولهم في الدنيا للمؤمنين : { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } [ يس : 47 ] قال لهم المؤمنون في الآخرة مقابل{[8407]} ما قالوا لهم في الدنيا : { إن الله حرّمهما على الكافرين } . وهذا والله أعلم ، ليس على التحريم ، ولكن على المنع ؛ لأن الكفرة لا ينالون بعد أن نالوا{[8408]} ذلك حراما كان أو حلالا ، ولكن على المنع كقوله تعالى : { وحرّمنا عليه المراضع } [ القصص : 12 ] ليس هو تحريم حرمة أكل ، ولكن منع . ويشبه أن يكون ذلك محرّما على المؤمنين : إطعام الكافرين من ذلك .


[8406]:في الأصل وم: أو نصارى.
[8407]:من م، في الأصل: متقابل.
[8408]:من م، في الأصل: نائوا.