غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (50)

44

ثم ختم المناظرت بقوله : { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة } قال ابن عباس : لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار بفرج بعد اليأس فقالوا : ربنا إن لنا قرابات من أهل الجنة فأذن لنا حتى نراهم ونكلمهم ، فأمر الله بالجنة فزخرفت ثم نظر أهل جهنم إلى قراباتهم في الجنة وما هم فيه من النعيم فعرفوهم ، ونظر أهل الجنة إلى قراباتهم من أهل جهنم فلم يعرفوهم قد اسودت وجوههم وصاروا خلقاً آخر ، فنادى أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم وقالوا : { أفيضوا علينا من الماء } طلبوا الماء أوّلاً لما في بواطنهم من الاحتراق الشديد . وفي الإفاضة نوع دلالة على أن أهل الجنة أعلى مكاناً من أهل النار . قال بعض العلماء : إنهم سألوا ذلك مع جواز الحصول . وقال آخرون : بل مع اليأس لأنهم عرفوا دوام عقابهم ولكن الآيس من الشيء قد يطلبه كما يقال في المثل : الغريق يتعلق بالزبد . وإن علم أنه لا يغنيه . قوله : { أو مما رزقكم الله } قيل : أي سائر الأشربة لدخوله في حكم الإفاضة . وقيل : أي من الثمار أو الطعام . والمراد : وألقوا علينا من الطعام والفاكهة كقوله :

علفتها تبناً وماءً بارداً *** . . .

فيكون في الآية دليل على نهاية عطشهم وشدّة جوعهم . ثم كأن سائلاً سأل فبماذا أجابهم أهل الجنة ؟ فقيل : { قالوا إن الله حرمهما على الكافرين } أي منعهم شراب الجنة وطعامها كما يمنع المكلف ما يحرم عليه وهذه نهاية الحسرة والخيبة أعاذنا الله منها .