في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ} (37)

19

وقد أمر الرسول [ ص ] أن يعلن منهجه في مواجهة من ينكر بعض الكتاب ، وهو استمساكه الكامل بكامل الكتاب الذي أنزل إليه من ربه ، سواء فرح به أهل الكتاب كله ، أم أنكر فريق منهم بعضه . ذلك أن ما أنزل إليه هو الحكم الأخير ، نزل بلغته العربية وهو مفهوم له تماما ، وإليه يرجع ما دام هو حكم الله الأخير في العقيدة :

( وكذلك أنزلناه حكما عربيا ) . .

( ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ) . .

فالذي جاءك هو العلم اليقين ، وما يقوله الأحزاب أهواء لا تستند إلى علم أو يقين . وهذا التهديد الموجه إلى الرسول [ ص ] أبلغ في تقرير هذه الحقيقة ، التي لا تسامح في الانحراف عنها ، حتى ولو كان من الرسول ، وحاشاه عليه الصلاة والسلام .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ} (37)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ وَاقٍ } .

يقول تعالى ذكره : وكما أنزلنا عليك الكتاب يا محمد ، فأنكره بعض الأحزاب ، كذلك أيضا أنزلنا الحكم والدين حكما عربيا وجعل ذلك عربيا ، ووصفه به لأنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو عربيّ ، فنسب الدين إليه إذ كان عليه أُنزل ، فكذّب به الأحزاب . ثم نهاه جلّ ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب ، وتهدده على ذلك إن فعله ، فقال : ولئن اتبعت يا محمد أهواءهم ، أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومحبتهم ، وانتقلت من دينك إلى دينهم ، ما لك من يقيك من عذاب الله إن عذّبك على اتباعك أهواءهم ، وما لك من ناصر ينصرك فيستنقذك من الله إن هو عاقبك ، يقول : فاحذر أن تتبع أهواءهم .