ثم شرُع في رد إنكارِهم لفروع الشرائع الواردةِ ابتداءً أو بدلاً من الشرائع المنسوخةِ ببيان الحكمةِ في ذلك فقيل : { وكذلك أنزلناه } أي ما أنزل إليك ، وذلك إشارةٌ إلى مصدر أنزلناه أو أنزل إليك ، ومحلُّه النصبُ على المصدرية أي مثلَ ذلك الإنزالِ البديعِ المنتظم لأصول مجمَعٍ عليها وفروعٍ متشعبة إلى موافِقة ومخالِفة حسبما تقتضيه قضيةُ الحكمةِ والمصلحة أنزلناه { حُكْمًا } حاكماً يحكم في القضايا والواقعات بالحق أو يُحكم به كذلك ، والتعرضُ لذلك العنوان مع أن بعضَه ليس بحكم لتربية وجوبِ مراعاتِه وتحتم المحافظةِ عليه { عَرَبِيّاً } مترجماً بلسان العربِ ، والتعرضُ لذلك للإشارة إلى أن ذلك إحدى موادِّ المخالفة للكتب السابقةِ مع أن ذلك مقتضى الحكمةِ إذ بذلك يسهُل فهمه وإدراكُ إعجازه ، والاقتصارُ على اشتمال الإنزالِ على أصول الديانات المجمعِ عليها حسبما يفيده قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله } [ الرعد ، الآية 36 ] الخ ، يأباه التعرّض لاتباع أهوائِهم وحديثِ المحو والإثبات ، وأنْ لكل أجلٍ كتابٌ فإن المجمعَ عليه لا يتصور فيه الاستتباعُ والاتباع { وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءهُم } التي يدعونك إليها من تقرير الأمور المخالفةِ لما أنزل إليك من الحق كالصلاة إلى بيت المقدس بعد التحويل { بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم } العظيمِ الشأن الفائضِ من ذلك الحُكم العربيِّ أو العلم بمضمونه { مَا لَكَ مِنَ الله } من جنابه العزيز ، والالتفاتُ من التكلم إلى الغَيبة وإيرادُ الاسم الجليلِ لتربية المهابة ، قال الأزهري : لا يكون إلها حتى يكون معبوداً وحتى يكون خالقاً ورازقاً ومدبراً . { مِن وَلِىّ } يلي أمرَك وينصرك على من يبغيك الغوائلَ { وَلاَ وَاقٍ } يقيك من مصارع السوءِ وحيث لم يستلزم نفيُ الناصرِ على العدو نفيَ الواقي من نكايته أُدخل على المعطوف حرفُ النفي للتأكيد ، كقولك : ما لي دينارٌ ولا درهم ، أو ما لك من بأس الله من ناصر وواقٍ لاتباعك أهواءَهم . وأمثالُ هاتيك القوارعِ إنما هي لقطع أطماعِ الكفرة وتهييجِ المؤمنين على الثبات في الدين ، واللام في لئن موطئةٌ وما لك سادٌّ مسدَّ جوابي الشرط والقسم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.