البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ} (37)

وكذلك أي : مثل إنزالنا الكتاب على الأنبياء قبلك ، لأن قوله : والذين آتيناهم الكتاب ، يتضمن إنزاله الكتاب ، وهذا الذي أنزلناه هو بلسان العرب ، كما أن الكتب السابقة بلسان من نزلت عليه : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } وأراد بالحكم أنه يفصل بين الحق والباطل ويحكم .

وقال ابن عطية : وقوله وكذلك المعنى : كما يسرنا لهؤلاء الفرح ولهؤلاء الإنكار لبعض كذلك أنزلناه حكماً عربياً انتهى .

وانتصب حكماً على الحال من ضمير النصب في أنزلناه ، والضمير عائد على القرآن ، والحكم ما تضمنه القرآن من المعاني .

ولما كانت العبارة عنه بلسان العرب نسبه إليها .

ولئن اتبعت : الخطاب لغير الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأنه معصوم من اتباع أهوائهم .

وقال الزمخشري : هذا من باب الإلهاب والتهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب فيه .

أن لا يزال زال عند الشبه بعد استمساكه بالحجة ، وإلا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة الشكيمة بمكان .