لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ} (37)

{ وكذلك أنزلناه حكماً عربياً } أي كما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلغاتهم ، أنزلنا إليك يا محمد هذا الكتاب وهو القرآن عربياً بلسانك ولسان قومك . وإنما سمي القرآن حكماً لأن فيه جميع التكاليف والأحكام والحلال والحرام والنقض والإبرام ، فلما كان القرآن سبباً للحكم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة ، وقيل إن الله لما حكم على جميع الخلق بقبول القرآن والعمل بمقتضاه سماه حكماً لذلك المعنى { ولئن اتبعت أهواءهم } قال جمهور المفسرين : إن المشركين دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائهم فتوعده الله على اتباع أهوائهم في ذلك . وقال ابن السائب : المراد به متابعة آبائهم في الصلاة لبيت المقدس { بعد ما جاءك من العلم } يعني بأنك على الحق ، وأن قبلتك الكعبة هي الحق . وقيل : ظاهر الخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره وقيل : هو حث للنبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ الرسالة والقيام بما أمر به ويتضمن ذلك تحذير غيره من المكلفين لأن من هو أرفع منزلة وأعظم قدراً وأعلى مرتبة إذا حذر كان غيره ممن هو دونه بطريق الأولى { ما لك من الله من ولي ولا واق } يعني من ناصر ولا حافظ .