في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

ثم يؤمر الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يتجرد وينفض يديه من أمر الغيب أيضا :

( قل : إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ) . .

إن الدعوة ليست من أمره ، وليس له فيها شيء ، إلا أن يبلغها قياما بالتكليف ، والتجاء بنفسه إلى منطقة الأمان - الذي لا يبلغه إلا أن يبلغ ويؤدي . وإن ما يوعدونه على العصيان والتكذيب هو كذلك من أمر الله ، وليس له فيه يد ، ولا يعلم له موعدا . فما يدري أقريب هو أم بعيد يجعل له الله أمدا ممتدا . سواء عذاب الدنيا أو عذاب الأخرة . فكله غيب في علم الله ؛ وليس للنبي من أمره شيء ، ولا حتى علم موعده متى يكون ! والله - سبحانه - هو المختص بالغيب دون العالمين :

( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ) . .

ويقف النبي [ صلى الله عليه وسلم ] متجردا من كل صفة إلا صفة العبودية . فهو عبد الله . وهذا وصفه في أعلى درجاته ومقاماته . . ويتجرد التصور الإسلامي من كل شبهة ومن كل غبش . والنبي [ صلى الله عليه وسلم ] يؤمر أن يبلغ فيبلغ : ( قل : إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ، عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنْ أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ مّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّيَ أَمَداً * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىَ غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاّ مَنِ ارْتَضَىَ مِن رّسُولٍ فَإِنّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىَ كُلّ شَيْءٍ عَدَداً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك : ما أدري أقريب ما يعدكم ربكم من العذاب وقيام الساعة أمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّي أمَدا يعني : غاية معلومة تطول مدتها .