ثم يرتقون في الدعاء من الغفران والوقاية من العذاب إلى سؤال الجنة واستنجاز وعد الله لعباده الصالحين :
( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم . إنك أنت العزيز الحكيم ) . .
ودخول الجنة نعيم وفوز . يضاف إليه صحبة من صلح من الآباء والأزواج والذريات . وهي نعيم آخر مستقل . ثم هي مظهر من مظاهر الوحدة بين المؤمنين أجمعين . فعند عقدة الإيمان يلتقي الآباء والأبناء والأزواج ، ولولا هذه العقدة لتقطعت بينهم الأسباب :
والتعقيب على هذه الفقرة من الدعاء : ( إنك أنت العزيز الحكيم )يشير إلى القوة كما يشير إلى الحكمة . وبها يكون الحكم في أمر العباد . .
ولما كانت النجاة من العذاب لا تستلزم الثواب ، قالوا مكررين صفة الإحسان زيادة في الرقة في طلب الامتنان : { ربنا } أي أيها المحسن إلينا بتوفيق أحبابنا الذين لذذونا بالمشاركة في عبادك بالجنان واللسان والأركان { وأدخلهم جنات عدن } أي إقامة لا عناد فيها . ولما كانوا عالمين بأن سبحانه لا يجب عليه لأحد شيء ولا يقبح منه شيء ، نبهوا على ذلك بقولهم : { التي وعدتهم } مع الزيادة في التملق واللطافة في الحث وإدخالهم لأجل استعمالك إياهم الصالحات .
ولما كان الإنسان لا يطيب له نعيم دون أن يشاركه فيه أحبابه الذين كانوا يشاركونه في العبادة قالوا مقدمين أحق الناس بالإجلال : { ومن صلح من آبائهم } ثم أتبعوهم ألصقهم بالبال فقالوا : { وأزواجهم وذرياتهم } . ولما كان فاعل هذا منا ربما نسب إلى ذل أو سفه ، وربما عجز عن الغفران لشخص لكثرة المعارضين ، عللوا بقولهم مؤكدين لأجل نسبة الكفار العز إلى غيره ، ومن ذلك تسميتهم العزى : { إنك أنت } أي وحدك { العزيز } فأنت تغفر لمن شئت غير منسوب إلى وهن { الحكيم * } فكل فعل لك في أتم مواضعه فلذلك لا يتهيأ لأحد نقضه ولا نقصه .
قوله : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ } يسألون الله أن يدخل المؤمنين المتقين جنات عدن . وهي دار النعيم الدائم والإقامة الأبدية { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } يسألون الله أن يدخل الجنة مع المؤمنين ، من كان صالحا من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم . وذلك من الصلاح وهو الإيمان بالله إيمانا صحيحا صادقا مقترنا بصالح الأعمال والطاعات . ومن كان كذلك فقد صلح لدخول الجنة . وتلكم هي غاية السعادة والهناء والحبور ، وهي أن يفوز المرء بالجنة حيث الإقامة الأبدية السَّرْمَدِية ومعه أهله وأحباؤه الصالحون من الوالدين والزوجات والأولاد . لا جرم أن هذا هو الفوز الأكبر والقرار الأعظم الكريم .
قوله : { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } يعني القوي القاهر الذي لا يُغْلَب ، والحكيم في أقواله وأفعاله وتدبيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.