تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (4)

هذا وهم يعلمون أنه رسول الله حقا بما شاهدوا{[1]}  من الآيات الباهرة ما لم يشاهد غيرهم ، ولكن حملهم على ذلك الشقاء والظلم والعناد ، والله تعالى قد أحاط علما بما تناجوا به ، وسيجازيهم عليه ، ولهذا قال : { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ } أي : الخفي والجلي { فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } أي : في جميع ما احتوت عليه أقطارهما { وَهُوَ السَّمِيعُ } لسائر الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تفنن الحاجات { الْعَلِيمُ } بما في الضمائر ، وأكنته السرائر .


[1]:- هذا التنبيه جعله الشيخ -رحمه الله- على غلاف المجلد الأول فصدرت به التفسير كما فعل -رحمه الله-.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (4)

أطلع الله رسوله على نجواهم فلم يتم لهم ما أرادوا من الإسرار بها فبعد أن حكى ما تناجوا به أمره أن يخبرهم بأن الله الذي علِم نجواهم يعلم كل قول في السماء والأرض من جهر أو سر ، فالتعريف في { القول } للاستغراق ، وبذلك كان هذا تذييلاً ، وأعلمهم بأنه المتصف بتمام العلم للمسموعات وغيرها بقوله { وهو السميع العليم } .

وقرأ الجمهور { قل } بصيغة الأمر ، وقرأ حمزة والكسائي ، وحفص ، وخلف { قال } بصيغة الماضي ، وكذلك هي مرسومة في المصحف الكوفي قاله أبو شامة ، أي قال الرسول لهم ، حكى الله ما قاله الرسول لهم ، وإنما قاله عن وحي فكان في معنى قراءة الجمهور { قل ربي يعلم القول } لأنه إذا أمر بأن يقوله فقد قاله .

وإنما لم يقل يعلم السرّ لمراعاة العلم بأن الذي قالوه من قبيل السرّ وأن إثبات علمه بكل قول يقتضي إثبات علمه بالسرّ وغيره بناء على متعارف الناس . وأما قوله في سورة [ الفرقان : 6 ] { قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض } فلم يتقدم قبله ذكر للإسرار ، وكان قول الذين كفروا : { إن هذا إلا إفك افتراه } [ الفرقان : 4 ] صادراً منهم تارة جهراً وتارة سراً فأعلمهم الله باطلاعه على سرّهم . ويعلم منه أنه مطلع على جهرهم بطريقة الفحوى .