اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (4)

قوله : { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ القول }{[27820]} . قرأ{[27821]} الأخوان وحفص «قَالَ » على لفظ الخبر والضمير للرسول - صلى الله عليه وسلم{[27822]} .

والباقون : «قُلْ » على الأمر له{[27823]} .

قوله : { فِي السَّمَاءِ } فيه أوجه :

أحدها : أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من القول{[27824]} .

والثاني : أنه حال من فاعل «يَعْلَمُ »{[27825]} وضعفه أبو البقاء{[27826]} ، وينبغي أن يمتنع{[27827]} .

والثالث : أنه متعلق ب «يَعْلَمُ »{[27828]} ، وهو قريب مما قبله{[27829]} . وحذف متعلق «السَّمْيِعُ العَلِيمُ » للعلم به . والمعنى : لا يخفى عليه شيء «وهو السميع » لأقوالهم «العليم » بأفعالهم . قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل : يعلم السر لقوله { وَأَسَرُّوا النَّجْوَى } قلت : القول عام يشمل السر والجهر ، فكان في العلم به العلم بالسر وزيادة ، فكان{[27830]} آكد في بيان الاطلاع على نجواهم من أن يقول : يعلم السر ، كما أن قوله : { يَعْلَمُ السَّرَّ } آكد من أن يقول : يعلم سرهم{[27831]} .

فإن قلت : لم ترك الآكد في سورة الفرقان في قوله : { قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض }{[27832]} ؟ قلت : ليس بواجب أن يجيء بالآكد في كل موضع ولكن يجيء بالتوكيد تارة{[27833]} وبالآكد أخرى . ثم الفرق أنه قدم هنا أنهم أسروا النجوى ، فكأنه قال : إن ربي يعلم ما أسروه ، فوضع القول موضع ذلك للمبالغة ، وثم قصد{[27834]} وصفه ب { عَالِمِ الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ }{[27835]} {[27836]} وإنما قدم «السميع » على «العليم » لأنه لا بد من سماع الكلام أولاً ثم من حصول العلم بمعناه{[27837]} .


[27820]:القول: سقط من ب.
[27821]:في ب: في. وهو تحريف.
[27822]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[27823]:السبعة (428) الحجة لابن خالويه (248)، الكشف 2/160، النشر 2/123، الإتحاف 306.
[27824]:انظر التبيان 2/912.
[27825]:المرجع السابق.
[27826]:المرجع السابق. ووجه الضعف فيه إثبات المكانية بالنسبة لله سبحانه وتعالى، وهذا ما تأباه عقيدة أهل السنة ولذلك قال المؤلف: وينبغي أن يمتنع.
[27827]:في ب: أن يمنع.
[27828]:انظر التبيان 2/912.
[27829]:في الضعف.
[27830]:في ب: فكأنه.
[27831]:لأن (يعلم السرّ) أعم من (يعلم سرهم) لأنه فيه علم سرهم وسر غيرهم.
[27832]:[الفرقان: 6].
[27833]:تارة: مكررة في ب.
[27834]:في ب: قصده.
[27835]:ذره: سقط من ب. [سبأ:3].
[27836]:الكشاف 3/3-4. بتصرف يسير. ويبدو أن ابن عادل نقل نص الزمخشري من الفخر الرازي 2/142 – 143.
[27837]:الفخر الرازي 22/143.