فأمر الله تعالى نبيه أن يقول : إن الأمر ليس كما ظنوا بل بسط الرزق وقدره معلق بالمشيئة في كافر ومؤمن وليس شيء من ذلك دليلاً على رضى الله تعالى والقرب منه لأنه قد يعطي ذلك إملاء واستدراجاً ، وكثير من الناس لا يعلم ذلك كأنتم أيها الكفار ، وقرأت فرقة «ويقدر » ، وقرأت فرقة «ويُقَدّر » بضم الباء وفتح القاف وشد الدال وهي راجعة إلى معنى التضييق الذي هو ضد البسط .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} ويقتر على من يشاء {ولكن أكثر الناس} كفار مكة {لا يعلمون} أن البسط والقتر بيد الله عز وجل.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قل لهم يا محمد: إن ربي يبسط الرزق من المعاش والرياش في الدنيا لمن يشاء من خلقه ويَقْدِر، فيضيق على من يشاء، لا لمحبة فيمن يبسط له ذلك ولا خير فيه ولا زُلْفة له، استحقّ بها منه، ولا لبُغض منه لمن قدر عليه ذلك ولا مَقْت، ولكنه يفعل ذلك مِحْنة لعباده وابتلاء.
وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارا لعباده، ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بَسَطَ له ومَقْت لمن قَدَر عليه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
يبسط الرزق لا لفضل وقدر له ونعمة عنده، ويقتُر على من يشاء لا لعداوة وجناية كانت منه إليه، بحق الامتحان؛ ألا ترى أنه قد وسّع على بعض المؤمنين، وضيّق على بعض؟
ألا ترى أنهم إذا رأوا أنه وسّع على بعض، وقتّر على بعض، هلا علموا أنه يملك أن يُوسّع على من قتر عليه ويقتر على من وسّع عليه؟ فيكون في ذلك ترغيب في التوحيد واختيار له وتحذير عن الكفر وعما هم فيه، إذ يملك التقتير على من وسّع عليه، والتوسيع على من قتر عليه، فيُبطل هذا كله قولهم: {نحن أكثر أموالا وأولادا}.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وقد أبطل الله تعالى حسبانهم بأنّ الرزق فضل من الله يقسمه كما يشاء على حسب ما يراه من المصالح، فربما وسع على العاصي وضيق على المطيع، وربما عكس، وربما وسع عليهما وضيق عليهما، فلا ينقاس عليه أمر الثواب الذي مبناه على الاستحقاق. وقدر الرزق: تضييقه. قال تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7]...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{قل} يا أكرم الخلق على الله! مؤكداً لأجل إنكارهم لأن يوسع في الدنيا على من لا يرضى فعله: {إن ربي} أي المحسن إليّ بالإنعام بالسعادة الباقية.
{يبسط الرزق} أي يجدده في كل وقت أراده بالأموال والأولاد وغيرها.
{ولكن أكثر الناس} أي الذين لم يرتفعوا عن حد النوس والاضطراب.
{لا يعلمون} أي ليس لهم علم ليتدبروا به ما ذكرنا من الأمر فيعلموا أنه ليس كل موسع عليه في دنياه سعيداً في عقباه...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
قد يوسع على شخص مطيع أو عاص تارة ويضيق عليه أخرى يفعل كلاً من ذلك حسبما تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة... والحاصل كما قيل منع كون ذلك دليلاً على ما زعموا لاستواء المعادي والموالي فيه...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
القرآن يضع لهم ميزان القيم كما هي عند الله؛ ويبين لهم أن بسط الرزق وقبضه، ليست له علاقة بالقيم الثابتة الأصيلة؛ ولا يدل على رضى ولا غضب من الله؛ ولا يمنع بذاته عذاباً ولا يدفع إلى عذاب؛ إنما هو أمر منفصل عن الحساب والجزاء، وعن الرضى والغضب، يتبع قانوناً آخر من سنن الله: (قل: إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. ولكن أكثر الناس لا يعلمون)..
وهذه المسألة: مسألة بسط الرزق وقبضه؛ وتملك وسائل المتاع والزينة أو الحرمان منها، مسألة يحيك منها شيء في صدور كثيرة؛ ذلك حين تتفتح الدنيا أحياناً على أهل الشر والباطل والفساد، ويحرم من أعراضها أحياناً أهل الخير والحق والصلاح؛ فيحسب بعض الناس أن الله ما كان ليغدق على أحد إلا وهو عنده ذو مقام، أو يشك بعض الناس في قيمة الخير والحق والصلاح، وهم يرونها محوطة بالحرمان!
ويفصل القرآن هنا بين أعراض الحياة الدنيا والقيم التي ينظر الله إليها، ويقرر أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وأن هذه مسألة، ورضاه وغضبه مسألة أخرى ولا علاقة بينهما.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وبسط الرزق: تيسيره وتكثيره، استعير له البسط وهو نشر الثوب ونحوِه لأن المبسوط تكثر مساحة انتشاره.
وقَدْر الرزق: عُسر التحصيل عليه وقلة حاصله؛ استعير له القَدْر، أي التقدير وهو التحديد لأن الشيء القليل يسهل عدّه وحسابه ولذلك قيل في ضده {يرزق من يشاء بغير حساب} [البقرة: 212].
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.