تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } أي : قد لزق بالتراب من الحاجة والضرورة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

و [ أو ] في قوله تعالى [ أو مسكينا ] فيها معنى الإباحة ومعنى التخيير لأن الكلام يتضمن معنى الحض والأمر ، وفيها أيضا معنى التفصيل المجرد ، لأن الكلام يجري مجرى الخبر الذي لا تكون [ أو ] فيه إلا مفصلة وأما معنى الشك و الإبهام فلا مدخل لها في هذه الآية ، والإبهام نحو قوله تعالى : [ وإنا أو إياكم ]{[11839]} ، وقول أبي الأسود :

أحب محمدا حبا شديدا *** وعباسا وحمزة أو عليا{[11840]}

[ وذا متربة ] معناه : مدقعا قد لصق بالتراب وهذا مما ينحو إلى أن المسكين أشد فاقة من الفقير ، قال سفيان : هم المطروحون على ظهر الطريق قعودا على التراب لا بيوت لهم ، وقال ابن عباس : هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه إلى بيته مستيقنا أنه ليس فيه إلا التراب .


[11839]:من الآية 24 من سورة سبأ.
[11840]:أبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو بن جندل الكناني، وهو يعد في الشعراء والنحويين، وكان علوي الرأي وشهد مع الإمام علي وقعة صفين، وولي البصرة لابن عباس، والبيت يلتقي مع هذه الاتجاهات، ,"أو" فيه للإبهام.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني فقيرا قد التصق ظهره بالتراب من العرى ، وشدة الحاجة ، فيستحي أن يخرج ، فيسأل الناس...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "ذَا مَتْرَبَةٍ" ؛

فقال بعضهم : عُنِي بذلك : ذو اللصوق بالتراب ...

وقال آخرون : بل هو المحتاج ، كان لاصقا بالتراب ، أو غير لاصق وقالوا : إنما هو من قولهم : تَرِب الرجل : إذا افتقر ...

وقال آخرون : بل هو ذو العيال الكثير الذين قد لصقوا بالتراب من الضرّ وشدّة الحاجة ...

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال : عُنِي به : أو مسكينا قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة ، لأن ذلك هو الظاهر من معانيه ، وأن قوله : "مَتْرَبَةٍ" إنما هي «مَفْعَلة » من تَرِب الرجل : إذا أصابه التراب . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي ألصق بطنه بالتراب ، وقيل : ليس له شيء يحجبه عن التراب ... فكفايته تلزم الخلق جملة . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي مسكينا قد لصق بالتراب من فقره وضره ، فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ أو مسكيناً } أي شخصاً لا كفاية له { ذا متربة } أي حاجة مقعدة له على التراب ، لا يقدر على سواه ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وكذلك إطعام المسكين ذي المتربة - أي اللاصق بالتراب من بؤسه وشدة حاله - في يوم المسغبة يقدمه السياق القرآني خطوة في سبيل اقتحام العقبة ، لأنه محك للمشاعر الإيمانية من رحمة وعطف وتكافل وإيثار ، ومراقبة لله في عياله ، في يوم الشدة والمجاعة والحاجة ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

واعلم أنه إن كان المراد بالإنسان الجنس المخصوص ، أي المشركين كان نفي فكّ الرقاب والإِطعام كنايةً عن انتفاء تحلّيهم بشرائع الإِسلام لأن فكّ الرقاب وإطعام الجياع من القُربات التي جاء بها الإِسلام من إطعام الجياع والمحاويج وفيه تعريض بتعيير المشركين بأنهم إنما يحبون التفاخر والسمعة وإرضاء أنفسهم بذلك ، أو لمؤانسة الأخلاّء وذلك غالب أحوالهم ، أي لم يطعموا يتيماً ولا مسكيناً في يوم مسغبة ، أي هو الطعام الذي يرضاه الله لأن فيه نفع المحتاجين من عباده . وليس مثل إطعامكم في المآدب والولائم والمنادمة التي لا تعود بالنفع على المطعَمين لأن تلك المطاعم كانوا يدْعُون لها أمثالهم من أهل الجِدة دون حاجة إلى الطعام وإنما يريدون المؤانسة أو المفاخرة ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

قيل : المسكين من السكون وقلة الحركة ، والمتربة : اللصوق بالتراب .

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

المسكين : هو الذي لا يجد قوته ولا قوت عياله . المتربة : مكان التراب ، والمعنى : أنه مسكين ليس بيديه شيء إلا التراب . ومعلوم أنه إذا قيل عن الرجل : ليس عنده إلا التراب ، فالمعنى : أنه فقير جداً ليس عنده طعام ، وليس عنده كساء ، وليس عنده مال فهو مسكين ذو متربة . ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وإذا كانت السورة مكيّةً ، كما هو المعروف ، فإن التأكيد على المسألة الاجتماعية في عتق الرقيق وفي إطعام الطعام ، يبدو مبكّراً كمدخلٍ للتخطيط الواسع لهذا الاتجاه في شريعة هذا الدين الجديد ، الذي ستتحرك تفاصيله في مستقبله في حلّ المشكلة الإنسانية المعقدة ، ليوحي للناس بالحياة الواقعية التي يستريح إليها الإنسان . إنها الإشارات الأولى التي تفتح المسألة العقيدية على المسألة الاجتماعية في ما خطط الله له من تدريجية التشريع . ...