تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

ووصاني أيضا ، أن أبر والدتي فأحسن إليها غاية الإحسان ، وأقوم بما ينبغي له ، لشرفها وفضلها ، ولكونها والدة لها حق الولادة وتوابعها .

{ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا ْ } أي : متكبرا على الله ، مترفعا على عباده { شَقِيًّا ْ } في دنياي أو أخراي ، فلم يجعلني كذلك بل جعلني مطيعا له خاضعا خاشعا متذللا ، متواضعا لعباد الله ، سعيدا في الدنيا والآخرة ، أنا ومن اتبعني .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

{ وبرا بوالدتي } وبارا بها عطف على { مباركا } ، وقرئ بالكسر على أنه مصدر وصف به أو منصوب بفعل دل عليه أوصاني ، أي وكلفني برا ويؤيده القراءة بالكسر والجر عطفا على الصلاة { ولم يجعلني جبارا شقيا } عند الله من فرط تكبره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

وقرأ الجمهور «وَبَراً » بفتح الباء وهو الكثير البر ونصبه على قوله { مباركاً } . وقرأ أبو نهيك وأبو مجلز وجماعة «بِراً » بكسر الباء فقال بعضها نصبه على العطف على قوله { مباركاً } فكأنه قال وذا بر فاتصف بالمصدر كعدل ونحوه ، وقال بعضهما نصبه بقوله { وأوصاني } أي «وأوصاني براً بوالدتي » حذف الجار كأنه يريد «وأوصاني ببر والدتي »{[7954]} . وحكى الزهراوي هذه القراءة «وبرٍّ » بالخفض عطفاً على { الزكاة } ، وقوله { بوالدتي } بيان لنه لا والد له ، وبهذا القول برأها قومها .

و «الجبار » المتعظم وهي خلق مقرونة بالشقاء لأنها مناقضة لجميع الناس فلا يلقى صاحبها من أحد إلا مكروهاً ، وكان عيسى عليه السلام في غاية التواضع ، يأكل الشجر ويلبس الشعر ويجلس على التراب ويأوي حيث جنة الليل لا مسكن له . قال قتادة وكان يقول : سلوني فإن لين القلب صغير في نفسي .


[7954]:ومثل هذا قول لبيد: فإن لم تجد من دون عدنان والدا ودون معد فلتزعك العواذل فقد عطف (دون) الثانية على موضع (من دون) الأولى.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

البَرّ بفتح الباء : اسم بمعنى البار . وتقدم آنفاً . وقد خصه الله تعالى بذلك بين قومه ، لأن برّ الوالدين كان ضعيفاً في بني إسرائيل يومئذ ، وبخاصة الوالدة لأنها تستضعف ، لأن فرط حنانها ومشقتها قد يجرئان الولد على التساهل في البرّ بها .

والجبّار : المتكبر الغليظ على الناس في معاملتهم . وقد تقدم في سورة هود ( 59 ) قوله : { واتبعوا أمر كل جبار عنيد } .

والشقيّ : الخاسر والذي تكون أحواله كدرة له ومؤلمة ، وهو ضدّ السعيد . وتقدّم عند قوله تعالى : { فمنهم شقي وسعيد } في آخر سورة هود ( 105 ) .

ووصف الجبار بالشقي باعتبار مآله في الآخرة وربما في الدنيا .