البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

وسبق أنه قرئ { وبراً } بكسر الباء فإما على حذف مضاف أي وذا بر ، وإما على المبالغة جعل ذاته من فرط بره ، ويجوز أن يضمر فعل في معنى أوصاني وهو كلفني لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد ، ومن قرأ { وبراً } بفتح الباء ، فقال الحوفي وأبو البقاء : إنه معطوف على { مباركاً } وفيه بعد للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجملة التي هي { أوصاني } ومتعلقها ، والأولى إضمار فعل أي وجعلني { براً } .

وحكى الزهراوي وأبو البقاء أنه قرئ وبر بكسر الباء والراء عطفاً على { بالصلاة والزكاة } .

وقوله : { بوالدتي } بيان محل البر وأنه لا والد له ، وبهذا القول برأها قومها .

والجبار كما تقدم المتعاظم ، وكان في غاية التواضع يأكل الشجر ويلبس الشعر ويجلس على التراب حيث جنه الليل لا مسكن له ، وكان يقول : سلوني فإني لين القلب صغير في نفسي ،