الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا} (32)

{ وبرا بوالدتي }[ 31 ] أي : وجعلني برا بوالدتي .

وقد قرأ أبو نهيك{[44202]} ، وَبِرِّ ، بكسر الباء والراء . وأوصاني ببر والدتي .

وقوله : { ولم يجعلني جبارا شقيا }[ 31 ] .

أي : ولم يجعلني مستكبرا عليه فيما أمرني به ونهاني عنه ، شقيا . وهذا يدل على أن الله جعل الأشقياء أشقياء ، والسعداء سعداء . فهو نص ظاهر في القدر{[44203]} .

قال قتادة : ذكر لنا أن عيسى صلى الله عليه وسلم كان يقول : سلوني فإن قلبي لين ، وإني صغير في نفسي ، مما أعطاه الله عز وجل من التواضع . قال : وذكر لنا أن امرأة رأت عيسى وهو يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص . فقالت : طوبى للبطن الذي حملك ، والثدي الذي أرضعك . فقال لها عيسى : طوبى لمن تلا كتاب الله ، واتبع ما فيه ، ولم يكن جبارا شقيا{[44204]} .

ومن قرأ : ( وَبِرٍّ ) بالخفض حسن أن يقف على ( أينما كنت ) ومن نصبه{[44205]} ، لم يقف عليه ، لأن ( وبرًا ) منصوب ب( جعلني{[44206]} .


[44202]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/314. وأبو نهيك، هو علباء بن أحمر اليشكري الخرساني. له حروف من الشواذ تنسب إليه وقد وثقوه، انظر: غاية النهاية 1/515.
[44203]:ز: القرآن، (تحريف).
[44204]:انظر: جامع البيان 16/82 وتفسير القرطبي 11/105.
[44205]:ز: نصب.
[44206]:انظر: القطع والائتناف 454، وإيضاح الوقف والابتداء 763.