تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29)

فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } جسدا تاما { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } فامتثلوا أمر ربهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29)

{ فإذا سوّيته } عدلت خلقته وهيأته لنفخ الروح فيه . { ونفخت فيه من روحي } حتى جرى آثاره في تجاويف أعضائه فحيي ، وأصل النفخ إجراء الريح في تجويف جسم آخر ، ولما كان الروح يتعلق ألا بالبخار اللطيف المنبعث من القلب وتفيض عليه القوة الحيوانية فيسري حاملا لها في تجاويف الشرايين إلى أعماق البدن ، جعل تعلقه بالبدن نفخا وإضافة الروح إلى نفسه لما مر في " النساء " . { فقعوا له } فاسقطوا له . { ساجدين } أمر من وقع يقع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29)

و { سويته } معناه : كملته وأتقنته حتى استوت أجزاؤه على ما يجب ، وقوله : { من روحي } إضافة خلق وملك إلى خالق مالك ، أي من الروح الذي هو لي ولفظة الروح هنا للجنس .

وقوله : { فقعوا } من وقع يقع ، وفتحت القاف لأجل حرف الحلق ، وهذه اللفظة تقوي أن سجود الملائكة إنما كان على المعهود عندنا ، لا أنه خضوع وتسليم ، وإشارة ، كما قال بعض الناس ، وشبهوه بقول الشاعر [ أبي الأخزر الحماني ] : [ الطويل ]

فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها . . . كما سجدت نصرانة لم تحنف{[7166]}

وهذا البيت يشبه أن يكون السجود فيه كالمعهود عندنا .

وحكى الطبري في تفسير هذه الآية عن ابن عباس : أنه قال : خلق الله ملائكة أمرهم بالسجود لآدم فأبوا ، فأرسل عليهم ناراً فأحرقتهم ، ثم خلق آخرين فأمرهم بالسجود فأطاعوا إلا إبليس فإنه كان من الأولين .

قال القاضي أبو محمد : وقول ابن عباس - من الأولين - يحتمل أن يريد في حالهم وكفرهم ، ويحتمل أن يريد : في أنه بقي منهم .


[7166]:تأتي "خر" بمعنى سجد، فقد نقل صاحب (اللسان ـ خرر) أن الأخفش قال: "خر: صار في حال سجوده"، وتأتي "أسجد" بمعنى "سجد"، قال الزمخشري في (أساس البلاغة ـ سجد): "وسجد البعير وأسجد: طامن رأسه لراكبه". "ولم تحنف" لم تسلم، وابن عطية يستشهد بالبيت على أن السجود هنا سجود حقيقي كالمألوف عندنا، و ليس مجرد خضوع وتسليم وإشارة". هذا والبيت لأبي الأخزر الحماني، و هو في (سيبويه)، وفي (اللسان ـ نصر)، وأنشده في (الإٌنصاف 445)، وفيه يصف الشاعر ناقتين خرتا من الإعياء، أو نحرتا فطأطأتا رأسيهما ، فشبه إسجادهما بسجود النصرانة، والنحويون يستشهدون بالبيت على أن (نصرانة) مؤنثة بالهاء، وأن المذكر منها (نصران) وإن لم يستعمل في الكلام إلا بياء النسب (نصراني)، وأن (النصارى) جمع (نصران) كما أن ندامى جمع ندمان.