تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰ تَهۡتَدُواْۗ قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِـۧمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (135)

{ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }

أي : دعا كل من اليهود والنصارى المسلمين إلى الدخول في دينهم ، زاعمين أنهم هم المهتدون وغيرهم ضال .

قل له{[102]}  مجيبا جوابا شافيا : { بَلْ } نتبع { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } أي : مقبلا على الله ، معرضا عما سواه ، قائما بالتوحيد ، تاركا للشرك والتنديد .

فهذا الذي في اتباعه الهداية ، وفي الإعراض عن ملته الكفر والغواية .


[102]:- في ب: قال له.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰ تَهۡتَدُواْۗ قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِـۧمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (135)

{ وقالوا كونوا هودا أو نصارى } الضمير الغائب لأهل الكتاب وأو للتنويع ، والمعنى مقالتهم أحد هذين القولين . قالت اليهود كونوا هودا . وقال النصارى كونوا نصارى { تهتدوا } جواب الأمر . { قل بل ملة إبراهيم } أي بل تكون ملة إبراهيم ، أي أهل ملته ، أو بل نتبع ملة إبراهيم . وقرئ بالرفع أي ملته ملتنا ، أو عكسه ، أو نحن ملته بمعنى نحن أهل ملته . { حنيفا } مائلا عن الباطل إلى الحق . حال من المضاف ، أو المضاف إليه كقوله تعالى : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا } . { وما كان من المشركين } تعريض بأهل الكتاب وغيرهم ، فإنهم يدعون اتباعه وهم مشركون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰ تَهۡتَدُواْۗ قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِـۧمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (135)

{ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ( 135 )

وقولهم : { كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا } نظير قولهم { لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } [ البقرة : 111 ] ، ونصب { ملة } بإضمار فعل ، أي بل نتبع ملة( {[1308]} ) ، وقيل نصبت على الإغراء ، وقرأ الأعرج وابن أبي عبلة «بل ملةُ » بالرفع والتقدير بل الهدى ملة ، و

{ حنيفاً } حال( {[1309]} ) ، وقيل نصب بإضمار فعل( {[1310]} ) ، لأن الحال تعلق من المضاف إليه ، والحنف الميل ، ومنه الأحنف لمن مالت إحدى قدميه إلى الأخرى ، والحنيف في الدين الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق ، وقال قوم : الحنف الاستقامة ، وسمي المعوج القدمين أحنف تفاؤلاً كما قيل سليم ومفازة( {[1311]} ) ، ويجيء الحنيف في الدين المستقيم على جميع طاعات الله عز وجل ، وقد خصص بعض المفسرين ، فقال قوم : الحنيف الحاج ، وقال آخرون : المختتن ، وهذه أجزاء الحنف( {[1312]} ) .

ونفى عنه الإشراك فانتفت عبادة الأوثان واليهودية لقولهم عزير ابن الله ، والنصرانية لقولهم المسيح ابن الله .


[1308]:- ويجوز أن نقدر ذلك بقولنا: بل اتبعوا ملة إبراهيم، وذلك أن قولهم: (كونوا هودا أو نصارى) يتضمن معنى: اتبعوا اليهودية أو النصرانية – قل: بل اتبعوا ملة إبراهيم، فيكون عطفا على المعنى، فهذا عطف، وما ذكره ابن عطية رحمه الله حذف.
[1309]:- أي لازمة، لأن دين إبراهيم عليه السلام لم ينفك عن الحنيفية.
[1310]:- تقديره: (نتبع حنيفا)، اي مستقيما مائلا إلى دين الإسلام.
[1311]:- أي كما يقال في اللديغ: سليم- وفي المهلكة: مفازة، للتفاؤل.
[1312]:- يعني أنه يوجد في الحنيفية أقوال: وكلها ترجع إلى ما سبق من معنى الاستقامة والميل إلى ملة إبراهيم عليه السلام، وقد كانوا في الجاهلية يسمون من حج واختتن حنيفا، وذلك أنه لما تناسخت السنون وبقي من يعبد الأثان من العرب قالوا: نحن حنفاء على دين إبراهيم، ولم يتمسكوا منه إلا بحج البيت والختان- والحنيف اليوم: المسلم.