تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذُو مِرَّةٍ } أي : قوة ، وخلق حسن ، وجمال ظاهر وباطن . { فَاسْتَوَى } جبريل عليه السلام

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذو مرة } حصافة في عقله ورأيه . { فاستوى } فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها . قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد عليه الصلاة والسلام مرتين ، مرة في السماء ومرة في الأرض ، وقيل استوى بقوته على ما جعل له من الأمر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

و { ذو مرة } معناه : ذو قوة ، قاله قتادة وابن زيد والربيع ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي »{[10682]} . وأصل المرة من مرائر الحبل{[10683]} ، وهي فتله وإحكام عمله ، ومنه قول امرئ القيس : [ الطويل ]

بكل ممر الفتل شد بيذبل***{[10684]}

وقال قوم ممن قال إن ذا المرة جبريل . معنى : { ذو مرة } ذو هيئة حسنة وقال آخرون : بل معناه ذو جسم طويل حسن .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف{[10685]} .

و { استوى } مستند إلى الله تعالى في قول الحسن الذي قال : إنه لمتصف : ب { شديد القوى } ، وكذلك يجيء قوله : { وهو بالأفق الأعلى } صفة الله تعالى على معنى وعظمته وقدرته وسلطانه تتلقى نحو «الأفق الأعلى » ، ويجيء المعنى نحو قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى }{[10686]} [ طه : 5 ] ، ومن قال إن المتصف ب { شديد القوى } هو جبريل عليه السلام قال : إن { استوى } مستند إلى جبريل ، واختلفوا بعد ذلك ، فقال الربيع والزجاج : المعنى : { فاستوى } جبريل في الجو ، وهو إذ ذاك ، { بالأفق الأعلى } إذ رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء قد سد الأفق ، له ستمائة جناح ، وحينئذ دنا من محمد حتى كان { قاب قوسين } ، وكذلك هو المراد في هذا القول النزلة الأخرى في صفته العظيمة له ستمائة جناح عند السدرة وقال الطبري والفراء المعنى : { فاستوى } جبريل .


[10682]:أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، وأحمد، عن عبد الله بن عمرو. والسوي: الصحيح السليم الأعضاء.
[10683]:في اللسان:"المرائر: الحبال المفتولة على أكثر من طاق، واحدها مرير ومريرة" وفيه "كل قوة من قوى الحبل مِرة، وجمعها مِرر".
[10684]:هذا عجز بيت لامرئ القيس، روي بهذه الألفاظ، وورد هكذا في الأصول، ولكن الرواية الثابتة في الديوان، وفي شرح القصائد السبع لأبي بكر الأنباري، وفي موسوعة الشعر العربي تختلف عن ذلك، وليسفيها شاهد هنا، والبيت بتمامه كما في الديوان: فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مُغار الفتل شُدت بيذبل ويروى:(كأن نجومه بأمراس كتان إلى صم جندل)، وقد قال ابن الأنباري: إن الأصمعي لم يرو هذا البيت ضمن معلقة امرئ القيس، ورواه يعقوب وغيره، قال يعقوب: معناه: كأن نجومه شُدّت بيذبل، وهو الجبل، والمغار: الحبل الشديد الفتل، وكذلك (ممر الفتل) معناه: مُحكم الفتل، وقوله:(من ليل) معناه التفسير للتعجيب، ولم يستشهد بهذا البيت أحد من المفسرين المعروفين كالطبري والقرطبي والزمخشري لأن الرواية الصحيحة ليست فيها كلمة(مرة أو مُمِرّ).
[10685]:استشهد المفسرون على ذلك بأبيات من الشعر، ولكن ابن عطية لم يقبلها ويرى أنها أقوال ضعيفة.
[10686]:الآية(5) من سورة (طه).