تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ} (19)

{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } ينفخ إسرافيل فيها في الصور { فَإِذَا هُمْ } مبعوثون من قبورهم { يَنْظَرُونَ } كما ابتدئ خلقهم ، بعثوا بجميع أجزائهم ، حفاة عراة غرلا ، وفي تلك الحال ، يظهرون الندم والخزي والخسار ، ويدعون بالويل والثبور .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ} (19)

ثم سبب عن الوعد بتحتم كونه ما يدل على أنه غاية في الهوان فقال : { فإنما } أي يكون ذلك بسبب أنكم تزجرون فتقومون ، والزجرة التي يقومون بها إنما { هي زجرة } أي صيحة ، وأكد ما يفهمه من الوحدة لأجل إنكارهم تصريحاً بذلك وتحقيراً لأمر البعث في جنب قدرته سبحانه وتعالى فقال : { واحدة } وهي الثانية التي كانت الإماتة لجميع الأحياء في آن واحد بمثلها ، وأصل الزجر الانتهار ويكون لحث أو منع ، وإنما يكون ذلك للمقدور عليه فعل ما يغضب الزاجر ، فلذلك سمى الصيحة زجرة .

ولما كان هذا الكلام مؤذناً بالغضب ، حققه بصرف الكلام عن خطابهم جعلاً لهم بمحل البعد وتعميماً لغيرهم ، فقال معبراً بالفاء المسببة المعقبة وأداة المفاجأة : { فإذا هم } أي جميع الأموات بضمائرهم وظواهرهم القديم منهم والحديث أحياء { ينظرون * } أي في الحال من غير مهلة أصلاً ، ولا فرق بين من صار كله تراباً ومن لم يتغير أصلاً ، ومن هو بين ذلك ، ولعله خص النظر بالذكر لأنه لا يكون إلا مع كمال الحياة ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " إذا قبض الروح تبعه البصر " وأما السمع فقد يكون لغير الحي لأنه صلى الله عليه وسلم قال في الكفار من قتلى بدر : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " وشاهدت أنا في بلاد العرقوب المجاورة لبانياس من بلاد الشام شجرة شوك يقال لها الغبيراء متى قيل عندها " هات لي المنجل لأقطع هذه الشجرة " أخذ ورقها في الحال في الذبول - فالله أعلم ما سبب ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ} (19)

قوله تعالى : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ ( 19 ) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ( 20 ) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ( 21 ) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ( 22 ) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ( 23 ) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ( 24 ) مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ ( 25 ) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } .

يبين الله سرعة أخذه للبشرية . فإذا نُفخ في الصور النفخة الأخرى وهي نفخة البعث والإحياء سارع المكذبون مذعورين إلى الحشر لملاقاة الحساب . وذلك هو قوله : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } وذلك جواب لشرط مقدَّر ، تقديره : إذا كان ذلك فما هي إلا زجرة واحدة{[3942]} والزجرة تعني الصيحة . ويراد بها النفخة الثانية التي تبعث فيها الخلائق من مراقدها { فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ } أي يُبعثون عقب النفخة الثانية أحياء فينظرون إلى ما قدّموه من سوء الأعمال . أو قاموا من قبورهم فَزعين ينظرون ما هو واقع بهم { وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ }


[3942]:الدر المصون ج 9 ص 298