السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ} (19)

وقوله تعالى : { فإنما هي زجرة واحدة } جواب شرط مقدر أي : إذا كان كذلك فإنما البعثة زجرة أي : صيحة واحدة هي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها ، وأمرها في الإعادة كأمرها بكن في الابتداء ولذلك رتب عليها { فإذا هم ينظرون } أي : أحياء في الحال من غير مهلة ينظر بعضهم بعضاً ، وقيل : ينظرون ما يحدث لهم أو ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به ، ولا فرق بين من صار كله تراباً ومن لم يتغير أصلاً ومن هو بين ذلك ، قال البقاعي : ولعله خص بالذكر ؛ لأنه لا يكون إلا مع كمال الحياة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : «إذا قبض الروح تبعه البصر » وأما السمع فقد يكون لغير الحي ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال في الكفار من قتلى بدر : «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم » قال : وشاهدت أنا في بلاد العرب المجاورة لنابلس شجرة لها شوك يقال لها : الغبيرا متى قيل عندها : هات لي المنجل لأقطع هذه الشجرة أخذ ورقها في الحال في الذبول فإنه سبحانه أعلم ما سبب ذلك .

تنبيه : لا أثر للصيحة في الموت ولا في الحياة بل خالق الموت والحياة هو الله تعالى كما قال تعالى { الذي خلق الموت والحياة } ( الملك : 2 ) روي أن الله تعالى يأمر الملك إسرافيل فينادي : أيها العظام النخرة والجلود البالية والأجزاء المتفرقة اجتمعوا بإذن الله تعالى .