تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ} (19)

الآية 19 وقوله تعالى : { فإنما هي زجرة واحدة } يحتمل قدر زجرة واحدة ، يخبر عن ساعة قيامها ومرورها . ويحتمل على حقيقة الزّجرة . لكن يخبر عن خفّة ذلك وهونه عليه كقوله : { كن فيكون } [ البقرة : 117 و . . ] من غير أن كان منه كاف أو نون أو شيء من ذلك ، لكنه أخف كلام على الألسن ، يؤدّى به المعنى ، ويفهم به المراد من ذلك .

فعلى ذلك جائز أن يكون قوله : { زجرة واحدة } إخبارا{[17676]} عن خفّة ذلك عليه وهونه من غير أن جعل الزجرة سبب الإحياء أو سببا من ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فإذا هم ينظرون } يحتمل قوله : { ينظرون } إلى ماذا يُؤمرون ؟ وعن ماذا يُنهَون ؟ لأن الذي أصابهم في الآخرة إنما كان لتركهم الأمر في الدنيا . فإذا عاينوا ما كانوا يوعدون في الدنيا بتركهم الأمر به ، ينظرون إلى ماذا يؤمرون ، وينهون عنه ؟ والله أعلم ، أو ينظرون كالمتحوّزين لأنهم كانوا ينكرون البعث ، ويكذّبونه . فإذا عاينوا تحيّزوا ، وتاهوا ، وضجِروا . وهكذا الأمر المتعارف في الخلق أن من أنكر شيئا ، أو كذّبه ، ثم أُخبر به ، وأُعلم حتى تيقّنه{[17677]} ، وتحقق عنده ما أنكر تحيّز ، وزُجِر .

فعلى ذلك هؤلاء لما أنكروا ذلك في الدنيا ، وكذّبوه ، ثم عاينوا ذلك ، وتيقّنوه{[17678]} ، تحيّزوا ، وضجروا به ، ينظرون نظر المتحيّز الضّجِر ، والله أعلم .


[17676]:في الأصل وم: إخبار.
[17677]:في الأصل و: تيقن به.
[17678]:في الأصل و م: تيقنوا به.