نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَىٰ نُوحٖ فِي ٱلۡعَٰلَمِينَ} (79)

ولما كان قد كتب الله في القدم سلامته من كل سوء على كثرة الأعداء وطول الإقامة فيهم وشدة الخلاف قال تعالى مستأنفاً مادحاً : { سلام } أي عظيم { على نوح } من كل حي من الجن والأنس والملائكة لسلام الله عليه . ولما كان لسان جميع أهل الأرض في زمانه عليه السلام واحداً ، فكانوا كلهم قومه ، ولم يكن في زمانه نبي ، فكانت نبوته قطب دائرة ذلك الوقت ، فكانت رسالته عامة لأهله ، وكان غير الناس من الخلق لهم تبعاً ، خصه في السلام بأن قال : { في العالمين } أي مذكور فيهم كلهم لفظاً ومعنى يسلم عليه دائماً إلى أن تقوم الساعة ، وخصوصية نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه أرسل إلى جميع الخلق مع اختلاف الألسنة ومع استمرار الرسالة أبد الآباد ، وكون شريعته ناسخة غير منسوخة ، وكون جميع الخلق في القيامة تحت لوائه ، فهناك يظهر تمام ما أوتيه من عموم البعثة إلى ما ظهر منه في الدنيا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَىٰ نُوحٖ فِي ٱلۡعَٰلَمِينَ} (79)

قوله : { سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ } { سلام } مرفوع على أنه مبتدأ ، وعلى نوح في موضع رفع خبر المبتدأ . وجاز الابتداء بالنكرة ؛ لأنه في معنى الدعاء كقوله : { ويل للمطفّفين } {[3963]} .

والمعنى : تركنا عليه هذه الكلمة وهي أن يُسلم الناس عليه تسليما ويذكرونه الذكر الجميل إلى يوم القيامة .

وقيل : المراد بالسلام هنا الأمَنَةُ والسلامة له من أن يذكره أحد بسوء .


[3963]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 306