تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

قال تعالى مبينا{[1196]}  ما وقع : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ } [ أي : ] الدنيوي لمن أتى بأسباب العذاب أن يسلب الله العبد الشيء الذي طغى به وبغى ، وآثر الحياة الدنيا ، وأن يزيله عنه ، أحوج ما يكون إليه .

{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ } من عذاب الدنيا { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فإن من علم ذلك ، أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ويحل العقاب{[1197]}


[1196]:- في ب: معظمًا.
[1197]:في ب: كل سبب يوجب العقاب ويحرم الثواب.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

قال الله تعالى : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ } أي : هكذا عذاب من خالف أمر الله ، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ، ومنع حق المسكين والفقراء{[29197]} وذوي الحاجات ، وبدل نعمة الله كفرا { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } أي : هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم ، وعذاب الآخرة أشق . وقد ورد في حديث رواه الحافظ البيهقي من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجداد{[29198]} بالليل ، والحصاد بالليل{[29199]} .


[29197]:- (2) في أ: "حق المسكين والفقير".
[29198]:- (3) في م، أ، هـ: "الجذاذ" بالذال وهو خطأ والمثبت من سنن البيهقي.
[29199]:- (4) سنن البيهقي الكبرى (4/133) والجداد - بالدال بالفتح والكسر - قال ابن الأثير في النهاية (1/244): "هي صرام النخل، وهو قطع ثمرتها، يقال: جد الثمرة يجدها جدا، وإنما نهى عن ذلك لأجل المساكين حتى يحضروا في النهار فيتصدق عليهم منه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

وقوله تعالى : { كذلك العذاب } ابتداء مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر قريش ، والإشارة بذلك إلى العذاب الذي نزل بالجنة ، أي ذلك العذاب ، هو العذاب الذي ينزل بقريش بغتة ، ثم عذاب الآخرة بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا ، وقال كثير من المفسرين : العذاب النازل بقريش المماثل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين ، حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

رجوع إلى تهديد المشركين المبدوء من قوله : { إنا بلوناهم } [ القلم : 17 ] ، فالكلام فذلكة وخلاصة لما قبله وهو استئناف ابتدائي .

والمشار إليه باسم الإشارة هو ما تضمنته القصة من تلف جنتهم وما أحسوا به عند رؤيتها على تلك الحالة ، وتندمهم وحسرتهم ، أي مثل ذلك المذكور يَكون العذاب في الدنيا ، فقوله : { كذلك } مسند مقدم و { العذاب } مسند إليه ، وتقديم المسند للاهتمام بإحضار صورته في ذهن السامع .

والتعريف في { العذاب } تعريف الجنس وفيه توجيه بالعهد الذهني ، أي عذابكم الموعد مثل عذاب أولئك والمماثلة في إتلاف الأرزاق والإِصابة بقطع الثمرات .

وليس التشبيه في قوله : { كذلك العذاب } مثل التشبيه في قوله : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [ البقرة : 143 ] ، ونحوه ما تقدم في سورة البقرة بل ما هنا من قبيل التشبيه المتعارف لوجود ما يصلح لأن يكون مشبهاً به العذابُ وهو كون المشبه به غير المشبه ، ونظيره قوله تعالى : { وكذلك أخْذُ ربّك إذا أخَذَ القرى وهي ظالمة } [ هود : 102 ] بخلاف ما في سورة البقرة فإن المشبه به هو عين المشبه لقصد المبالغة في بلوغ المشبه غاية ما يكون فيه وجه الشبه بحيث إذا أريد تشبيهه لا يلجأ إلاّ إلى تشبيهه بنفسه فيكون كناية عن بلوغه أقصى مراتب وجه الشبه .

والمماثلةُ بين المشبه والمشبه به مماثلة في النوع وإلاّ فإن ما تُوعدوا به من القحط أشد مما أصاب أصحاب الجنة وأطولُ .

وقوله { ولعذاب الآخرة أكبر } دال على أن المراد بقوله : { كذلك العذاب } عذاب الدنيا .

وضمير { لو كانوا يعلمون } عائد إلى ما عاد إليه ضمير الغائب في قوله : { بلوناهم } [ القلم : 17 ] ، وهم المشركون فإنهم كانوا ينكرون عذاب الآخرة فهددوا بعذاب الدنيا ، ولا يصح عوده إلى { أصحاب الجنة } [ القلم : 17 ] لأنهم كانوا مؤمنين بعذاب الآخرة وشدته .