تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

ولكن الله تعالى جعل بينهما برزخا من الأرض ، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر ، ويحصل النفع بكل منهما ، فالعذب منه يشربون وتشرب أشجارهم وزروعهم ، والملح به يطيب الهواء ويتولد الحوت والسمك ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

أي : وجعل بينهما برزخا ، وهو : الحاجز من الأرض ، لئلا يبغي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، فيفسد كل واحد منهما الآخر ، ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه . وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخا وحجرا محجورا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

وقوله : بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ يقول تعالى ذكره : بينهما حاجز وبعدٌ ، لا يُفسد أحدهما صاحبه فيبغي بذلك عليه ، وكل شيء كان بين شيئين فهو برزخ عند العرب ، وما بين الدنيا والاَخرة برزخ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ لا يبغي أحدهما على صاحبه .

قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا فطر ، عن مجاهد ، قوله : بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ قال : بينهما حاجز من الله ، لا يبغي أحدهما على الاَخر .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ يقول : حاجز .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ والبرزخ : هذه الجزيرة ، هذا اليبَس .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : البرزخ الذي بينهما : الأرض التي بينهما .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال : حُجِز المالح عن العذب ، والعذب عن المالح ، والماء عن اليبس ، واليبس عن الماء ، فلا يبغي بعضه على بعض بقوّته ولطفه وقُدرته .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال : منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض . قال : والبرزخ بعد الأرض الذي جعل بينهما .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : لا يَبْغِيانِ فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يبغي أحدهما على صاحبه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى لا يَبْغِيانِ : لا يبغي أحدهما على صاحبه .

قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا فطر ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة مثله .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهما لا يختلطان . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا يَبْغِيانِ قال : لا يختلطان .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يبغيان على اليَبَس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا يَبْغِيانِ على اليبس ، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي ، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى .

وقال آخرون : بل معناه : لا يبغيان أن يلتقيا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لا يَبْغِيانِ قال : لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الاَية أنهما لا يبغيان ، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء ، بل عمّ الخبر عنهما بذلك ، فالصواب أن يُعَمّ كما عمّ جلّ ثناؤه ، فيقال : إنهما لا يبغيان على شيء ، ولا يبغي أحدهما على صاحبه ، ولا يتجاوزان حدّ الله الذي حدّه لهما .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

والمراد بالبرزخ الذي بينهما : الفاصل بين الماءين الحلو والملح بحيث لا يغير أحد البحرين طعم الآخر بجواره . وذلك بما في كل ماء منهما من خصائص تدفع عنه اختلاط الآخر به . وهذا من مسائل الثقل النوعي . وذكر البرزخ تشبيه بليغ ، أي بينهما مثل البرزخ وهو معنى { لا يبغيان } ، أي لا يبغي أحدهما على الآخر ، أي لا يغلب عليه فيُفسدَ طعمه فاستعير لهذه الغلبة لفظ البغي الذي حقيقته الاعتداء والتظلم .

ويجوز أن تكون التثنية تثنية بحرَيْن ملحين معينين ، والتعريف حينئذٍ تعريف العهد الحضوري ، فالمراد : بحران معروفان للعرب . فالأظهر أن المراد : البحر الأحمر الذي عليه شطوط تهامة مثل : جُدّة ويُنبع النخل ، وبحر عُمان وهو بحر العرب الذي عليه حَضْرموت وعَدَن من بلاد اليمن .

والبرزخ : الحاجز الفاصل ، والبرزخ الذي بين هذين البحرين هو مضيق باب المَنْدبَ حيث يقع مرسى عَدَن ومرسى زَيلع .

ولما كان في خلق البحرين نعم على الناس عظيمة منها معروفة عند جميعهم فإنهم يسيرون فيهما كما قال تعالى : { وترى الفلك مواخر فيه } [ النحل : 14 ] وقال : { هو الذي يسيرّكم في البر والبحر } [ يونس : 22 ] واستخراج سمكه والتطهر بمائه . ومنها معروفة عند العلماء وهي مَا لأَمْلاَححِ البحر من تأثير في تنقية هواء الأرض واستجلاب الأمطار وتلقي الأجرام التي تنزل من الشهب وغير ذلك .

وجملة { يلتقيان } وجملة { بينهما برزخ } حالان من { البحرين } .

وجملة { لا يبغيان } مبينة لجملة { بينهما برزخ } .