وهل فوق ضلال من جعل إلهه معبوده [ هواه ]{[580]} فما هويه فعله فلهذا قال : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } ألا تعجب من حاله وتنظر ما هو فيه من الضلال ؟ وهو يحكم لنفسه بالمنازل الرفيعة ؟
{ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } أي : لست عليه بمسيطر مسلط بل إنما أنت منذر ، وقد قمت بوظيفتك وحسابه على الله .
{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه ، كان دينَه ومذهبَه ، كما قال تعالى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [ فاطر : 8 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا } . قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إِلََهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ سَبِيلاً } .
يعني تعالى ذكره : أرَأيْتَ يا محمد مَنِ اتّخَذَ إلَههُ شهوتَه التي يهواها وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر ، فإذا رأى أحسن منه رمى به ، وأخذ الاَخر يعبده ، فكان معبوده وإلهه ما يتخيره لنفسه فلذلك قال جلّ ثناؤه أرأيْتَ مَنَ اتّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ ، أفأنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً يقول تعالى ذكره : أفأنت تكون يا محمد على هذا حفيظا في أفعاله مع عظيم جهله ؟ أم تَحْسبُ يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين يَسْمعُونَ ما يُتلى عليهم ، فيعون أوْ يَعْقِلُونَ ما يعاينون من حجج الله ، فيفهمون ؟ إنْ هُمْ إلاّ كالأَنْعامِ يقول : ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها ، ولا تفقه ، بل هم من البهائم أضلّ سبيلاً لأن البهائم تهتدي لمراعيها ، وتنقاد لأربابها ، وهؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم ، ولا يشكرون نعمة من أنعم عليهم ، بل يكفرونها ، ويعصون من خلقهم وبرأهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.