فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا} (43)

ثم بين لهم سبحانه أنه لا تمسك لهم فيما ذهبوا إليه سوى التقليد ، وإتباع الهوى ، فقال معجبا لرسوله :

{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه } قدم المفعول الثاني للعناية به كما تقول علمت منطلقا زيدا قاله الزمخشري ، أي أطاع هواه طاعة . كطاعة الإله ، أي أنظر إليه يا محمد ، وتعجب منه والوجه الآخر أنه لا تقديم ، ولا تأخير ، لاستوائهما في التعريف ، قاله السمين فادعاء القلب ليس بجيد ، لأنه من ضرورات الشعر وقال أبو السعود بالوجه الأول ، ثم قال : ومن توهم أنهما على الترتيب بناء على تساويها في التعريف ، فقد غاب عنه أن المفعول الثاني في هذا الباب هو المتلبس بالحالة الحادثة ، أي أرأيت من جعل هواه إلها لنفسه ، من غير أن يلاحظه ، وبني عليه أمر دينه ، معرضا عن استماع الحجة الباهرة ، والبرهان النير بالكلية عن ابن عباس قال : كان الرجل يعبد الحجر الأبيض زمانا من الدهر في الجاهلية ، فإذا وجد حجرا أحسن منه ، رمى به ، وعبد الآخر ، فأنزل الله الآية ، وعنه قال : ذلك الكافر لا يهوى شيئا إلا اتبعه ، وعن الحسن مثله .

{ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ؟ } أي حفيظا ، وكفيلا ، حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من الكفر وتحفظه من إتباع الهوى ، وعادة ما يهواه من دون الله ، والاستفهام للإنكار والاستعباد ، فالمعنى لست تقدر على ذلك ، ولا تطيقه ، فليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئتك ، وإنما علي البلاغ ، وقد قيل إن هذا الآية منسوخة بآية القتال . قاله الكلبي ،