تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

{ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } بهذه الفتنة العظيمة { وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } بالخوف والقلق ، والجوع ، ليتبين إيمانهم ، ويزيد إيقانهم ، فظهر -وللّه الحمد- من إيمانهم ، وشدة يقينهم ، ما فاقوا فيه الأولين والآخرين .

وعندما اشتد الكرب ، وتفاقمت الشدائد ، صار إيمانهم عين اليقين ، { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

قوله تعالى : " هنالك ابتلي المؤمنون " " هنا " للقريب من المكان . و " هنالك " للبعيد . و " هناك " للوسط . ويشار به إلى الوقت ، أي عند ذلك اختبر المؤمنون ليتبين المخلص من المنافق . وكان هذا الابتلاء بالخوف والقتال والجوع والحصر والنزال . " وزلزلوا زلزالا شديدا " أي حركوا تحريكا . قال الزجاج : كل مصدر من المضاعف على فعلال يجوز فيه الكسر والفتح ؛ نحو قلقلته قلقالا وقلقالا ، وزلزلوا زلزالا وزلزالا . والكسر أجود ؛ لأن غير المضاعف على الكسر نحو دحرجته دحراجا . وقراءة العامة بكسر الزاي . وقرأ عاصم والجحدري " زلزالا " بفتح الزاي . قال ابن سلام : أي حركوا بالخوف تحريكا شديدا . وقال الضحاك : هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق . وقيل : إنه اضطرابهم عما كانوا عليه ؛ فمنهم من اضطرب في نفسه ومنهم من اضطرب في دينه . و " هنالك " يجوز أن يكون العامل فيه " ابتلي " فلا يوقف على " هنالك " . ويجوز أن يكون " وتظنون بالله الظنونا " فيوقف على " هنالك " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

ولما كانت الشدة في الحقيقة إنما هي للثابت لأنه ما عنده إلا الهلاك أو النصرة ، وأما المنافق فيلقي السلم{[55172]} ويدخل داره الذل بالموافقة على جميع ما يراد منه ، ترجم حال المؤمنين قاصراً الخطاب على الرأس لئلا يدخل في مضمون الخبر إعلاماً بأن منصبه الشريف أجلّ من أن يبتلى فقال تعالى : { هنالك } أي في ذلك{[55173]} الوقت العظيم البعيد الرتبة { ابتلي المؤمنون } أي خولط {[55174]}الراسخون في الإيمان بما شأنه أن يحيل ما خالطه ويميله ، وبناه للمجهول لما كان المقصود إنما هو معرفة المخلص من غيره{[55175]} ، مع العلم بأن فاعل ذلك هو الذي له الأمر{[55176]} كله ، ولم يؤكد الابتلاء بالشدة لدلالة الافتعال عليها ، وصرف الكلام عن الخطاب مع ما تقدم من فوائده ، وعبر بالوصف ليخص الراسخين فقال : { وزلزلوا } أي حركوا ودفعوا وأقلقوا وأزعجوا بما يرون من الأهوال بتظافر الأعداء مع الكثرة ، وتطاير الأراجيف { زلزالاً شديداً * } فثبتوا بتثبيت الله لهم على عهدهم .


[55172]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: السلام.
[55173]:زيد من ظ وم ومد.
[55174]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[55175]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[55176]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الأمل.