الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

قوله : " هنالك " منصوبٌ ب " ابْتُلِيَ " وقيل : ب " تَظُنُّون " . واسْتَضْعَفَه ابنُ عطية . وفيه وجهان ، أظهرهما : أنه ظرفُ مكانٍ/ بعيدٍ أي : في ذلك المكان الدَّحْضِ وهو الخندقُ . الثاني : أنه ظرفُ زمانٍ ، وأنشد بعضُهُم على ذلك :

وإذا الأمورُ تَعاظَمَتْ وتشاكَلَتْ *** فهناك يَعْتَرفون أين المَفْزَعُ

قوله : " وزُلْزِلُوا " قرأ العامَّةُ بضمِّ الزاي الأولى وكسرِ الثانية على أصل ما لم يُسَمَّ فاعلُه . ورَوَى غيرُ واحدٍ عن أبي عمروٍ كَسْرَ الأولى . وروى الزمخشريُّ عنه إشمامَها كسراً . ووجهُ هذه القراءةِ أَنْ يكونَ أتبعَ الزايَ الأولى للثانيةِ في الكسرِ ، ولم يَعْتَدَّ بالساكنِ لكونِه غيرَ حصينٍ ، كقولهم : " مِنْتِن " بكسرِ الميم ، والأصل ضمُّها .

قوله : " زِلْزالاً " مصدر مُبَيِّنٌ للنوعِ بالوصف . والعامَّةُ على كسر الزاي . وعيسى والجحدري فتحاها . وهما لغتان في مصدرِ الفعل المضعَّفِ إذا جاء على فِعْلال نحو : زِلْزال وقِلْقال وصِلْصال . وقد يُراد بالمفتوح اسمُ الفاعل نحو : صَلْصال بمعنى مُصَلْصِل ، وزَلزال بمعنى مُزَلْزِل .