فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا} (11)

{ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } ظرف مكان يقال للمكان البعيد : هنالك كما يقال للقريب هنا ، وللمتوسط : هناك . أي في ذلك المكان الدحض وهو الخندق ، وقد يكون ظرف زمان ، أي عند ذلك الوقت ابتلوا وهو منصوب بابتلى ، وقيل :بتظنون واستضعفه ابن عطية ، والمعنى : إن في ذلك المكان أو الزمان اختبر المؤمنون بالخوف والقتال والجوع والحصر وغيرها ليتبين المؤمن من المنافق وامتحنوا بالصبر على الإيمان .

{ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا } قرأ الجمهور زلزلوا بضم الزاي الأولى ؛ وكسر الثانية على ما هو الأصل في المبني للمفعول ، وروي عن أبي عمرو أنه قرأ بكسر الأولى وروى الزمخشري عنه أنه قرأ بإشمامها كسرا ، وقرأ الجمهور زلزالا بكسر الزاي الأولى وقرأ عاصم ، والجحدري ، وعيسى بن عمر بفتحها ، وهما لغتان .

قال الزجاج ، كل مصدر من المضاعف على فعلال يجوز فيه الكسر والفتح نحو قلقلته قلقالا وزلزلوا زلزالا ، والكسر أجود ، وقد يراد بالمفتوح اسم الفاعل نحو صلصال ، بمعنى مصلصل ، وزلزال بمعنى مزلزل قال ابن سلام معنى زلزلوا حركوا بالخوف تحريكا شديدا بليغا .

وقال الضحاك : هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق . وقيل : المعنى أنهم اضطربوا اضطرابا مختلفا ، فمنهم من اضطرب في نفسه ، ومنهم من اضطرب في دينه .