تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

ولكنه تعالى حليم ، يمهل العباد ويستأني بهم ، لعلهم يتوبون ويرجعون ، ولهذا قال : { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ } أي : اصفح عنهم ما يأتيك من أذيتهم القولية والفعلية ، واعف عنهم ، ولا يبدر منك لهم إلا السلام الذي يقابل به أولو الألباب والبصائر الجاهلين ، كما قال تعالى عن عباده الصالحين : { وإذا خاطبهم الجاهلون } أي : خطابا بمقتضى جهلهم { قالوا سلاما } فامتثل صلى اللّه عليه وسلم ، لأمر ربه ، وتلقى ما يصدر إليه من قومه وغيرهم من الأذى ، بالعفو والصفح ، ولم يقابلهم عليه إلا بالإحسان إليهم والخطاب الجميل .

فصلوات اللّه وسلامه على من خصه اللّه بالخلق العظيم ، الذي فضل به أهل الأرض والسماء ، وارتفع به أعلى من كواكب الجوزاء .

وقوله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } أي : غِبَّ ذنوبهم ، وعاقبة جرمهم .

تم تفسير سورة الزخرف

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

قال قتادة : أمر بالصفح عنهم ثم أمره بقتالهم ، فصار الصفح منسوخا بالسيف . ونحوه عن ابن عباس قال : " فاصفح عنهم " أعرض عنهم . " وقل سلام " أي معروفا ، أي قل المشركين أهل مكة " فسوف تعلمون " ثم نسخ هذا في سورة " التوبة " بقوله تعالى : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " {[13710]} [ التوبة : 5 ] الآية . وقيل : هي محكمة لم تنسخ . وقراءة العامة " فسوف يعملون " ( بالباء ) على أنه خبر من الله تعالى لنبيه بالتهديد . وقرأ نافع وابن عامر " تعلمون " ( بالتاء ) على أنه من خطاب النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بالتهديد . و " سلام " رفع بإضمار عليكم . قاله الفراء . ومعناه الأمر بتوديعهم بالسلام ، ولم يجعله تحية لهم . حكاه النقاش . وروى شعيب بن الحبحاب أنه عرفه بذلك كيف السلام عليهم ، والله أعلم .


[13710]:آية 5.