جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، جوابا له عن دعائه إياه إذ قال : «يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون » فاصْفَحْ عَنْهُمْ يا محمد ، وأعرض عن أذاهم وَقُلْ لهم سَلامٌ عليكم ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة «فَسَوْفَ تَعْلَمونَ » بالتاء على وجه الخطاب ، بمعنى : أمر الله عزّ وجلّ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك للمشركين ، مع قوله : سَلامٌ ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء مكة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بالياء على وجه الخبر ، وأنه وعيد من الله للمشركين ، فتأويله على هذه القراءة : فاصْفَحْ عَنْهُمْ يا محمد وقُلْ سَلامٌ . ثم ابتدأ تعالى ذكره الوعيدَ لهم ، فقال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم ، ثم نسخ الله جلّ ثناؤه هذه الاَية ، وأمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بقتالهم . كما :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ قال : اصفح عنهم ، ثم أمره بقتالهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله تبارك وتعالى يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .