اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

ثم قال : { فَاصْفَحُ عَنْهُمْ } أي أعْرِضْ عنهم{[50188]} ، { وَقُلْ سَلاَمٌ } قال سيبويه : معناه المتاركة كقوله تعالى : { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الجاهلين } [ القصص : 55 ] ثم قال : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } والمراد به التهديد{[50189]} .

قوله : «فَسَوْفَ يَعْلَمُون » قرأ نافعٌ وابن عامر بتاء الخطاب التفاتاً ، والباقون بياء الغيبة نظراً لِمَا تَقَدَّم{[50190]} .

فصل

قال ابن عباس ( رضي الله عنهما{[50191]} ) قوله : { فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ } منسوخ ( بآية ){[50192]} السَّيْفِ{[50193]} .

قال ابن الخطيب : وعندي التزام النسخ في مثل هذه المواضع مشكل ؛ لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة فسقطت دلالة اللفظ ، فَأَيُّ حاجة إلى التزام النسخ ، وأيضاَ فاللفظ المطلق قد يقيَّد بحسب العُرْف ، وإذا كان كذلك ، فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ .

والله أعلم بالصواب{[50194]} .

ختام السورة:

روى أبو أمامةَ عن أُبَيِّ بنِ كعب ( رضي الله عنهم{[1]} ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأَ سُورة الزُّخْرُفِ كَان مِمَّن كَانَ يُقَالُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ : «يَا عِبَادِي لاَ خَوفٌ عَلَيْكُمْ اليَوْمَ ولا أَنَتُمْ تحزنونَ » ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِغَيْر حِسَابٍ »{[2]} ( انتهى ){[3]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[3]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/612، 613) عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والضحاك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (/605) عن أبي عبد الرحمن السلمي وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[50188]:قاله ابن قتيبة في غريب القرآن 401.
[50189]:نقله الرازي عن سيبويه في تفسيره 27/234 ولم أستطع العثور عليه في الكتاب لسيبويه.
[50190]:من القراءة المتواترة انظر السبعة لابن مجاهد 589، والإتحاف 387.
[50191]:زيادة من أ.
[50192]:زيادة من ب.
[50193]:وهو نفس قول قتادة فيما نقله القرطبي 16/124.
[50194]:بالمعنى من تفسيره التفسير الكبير 27/235.