تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

{ وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا } أي : فلما أنكروا البعث أقدموا على الشرك والطغيان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

( وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ) . .

يتحدثون إلى قومهم ، عن أولئك الرجال من الإنس الذين كانوا يعوذون برجال من الجن ، يقولون : إنهم كانوا يظنون - كما أنكم تظنون - أن الله لن يبعث رسولا . ولكن ها هو ذا قد بعث رسولا ، بهذا القرآن الذي يهدي إلى الرشد . . أو أنهم ظنوا أنه لن يكون هناك بعث ولا حساب - كما ظننتم - فلم يعملوا للآخرة شيئا ، وكذبوا ما وعدهم الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] من أمرها ، لأنهم كانوا لا يعتقدون من قبل فيها .

وكلا الظنين لا ينطبق على الحقيقة ، وفيه جهل وقلة إدراك لحكمة الله في خلق البشر . فقد خلقهم باستعداد مزدوج للخير والشر والهدى والضلال [ كما نعرف من هذه السورة أن للجن هذه الطبيعة المزدوجة كذلك إلا من تمحض منهم للشر كإبليس ، وطرد من رحمة الله بمعصيته الفاجرة ، وانتهى إلى الشر الخالص بلا ازدواج ] ومن ثم اقتضت رحمة الله أن يعين أولئك البشر بالرسل ، يستجيشون في نفوسهم عنصر الخير ، ويستنقذون ما في فطرتهم من استعداد للهدى . فلا مجال للاعتقاد بأنه لن يبعث إليهم أحدا .

هذا إذا كان المعنى هو بعث الرسل . فأما بعث الآخرة فهو ضرورة كذلك لهذه النشأة التي لا تستكمل حسابها في الحياة الدنيا ، لحكمة أرادها الله ، وتتعلق بتنسيق للوجود يعلمه ولا نعلمه ؛ فجعل البعث في الآخرة لتستوفي الخلائق حسابها ، وتنتهي إلى ما تؤهلها له سيرتها الأولى في الحياة الدنيا . فلا مجال للظن بأنه لن يبعث أحدا من الناس . فهذا الظن مخالف للاعتقاد في حكمة الله وكماله سبحانه وتعالى . .

وهؤلاء النفر من الجن يصححون لقومهم ظنهم ، والقرآن في حكايته عنهم يصحح للمشركين أوهامهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

قرأ الجمهور ووافقهم أبو جعفر بكسر همزة { وإنهم } . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتح الهمزة على اعتبار ما تقدم في قوله تعالى : { وإنه تعالى جدّ ربنا } [ الجن : 3 ] .

والمعنى : أن رجالاً من الإِنس ظنّوا أن الله لا يبعث أحداً ، أو وأنا آمنا بأنهم ظنّوا كما ظننتم الخ ، أي آمنا بأنهم أخطأوا في ظنهم .

والتأكيد ب ( إن ) المكسورة أو المفتوحة للاهتمام بالخبر لغايته . والبعث يحتمل بعث الرسل ويحتمل بعث الأموات للحشر ، أي حصل لهم مثلما حصل لكم من إنكار الحشر ومن إنكار إرسال الرسل .

والإِخبار عن هذا فيه تعريض بالمشركين بأن فساد اعتقادهم تجاوز عالم الإِنس إلى عالم الجن .

وجملة { كما ظننتم } معترضة بين { ظنوا } ومعموله ، فيجوز أن تكون من القول المحكي يقول الجن بعضهم لبعض يُشبّهون كفارهم بكفار الإِنس .

ويجوز أن تكون من كلام الله تعالى المخاطب به المشركون الذي أمر رسوله بأن يقوله لهم ، وهذا الوجه يتعين إذا جعلنا القول في قوله تعالى : { فقالوا إنا سمعنا } [ الجن : 1 ] عبارة عما جال في نفوسهم على أحد الوجهين السابقين هنالك .

و { أنْ } من قوله : { أن لن يبعث } مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن محذوف .

وجملة { لن يبعث الله أحداً } خبره . والتعبير بحرف تأبيد النفي للدلالة على أنهم كانوا غير مترددين في إحالة وقوع البعث .