تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

{ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } أي : اعصمني وارحمني ، مما ابتليتهم به من الذنوب الموجبة للنقم ، واحمني أيضا من العذاب الذي ينزل بهم ، لأن العقوبة العامة تعم -عند نزولها- العاصي وغيره .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

53

وعند هذا الحد يلتفت عن خطابهم وجدلهم وحكاية حالهم ، إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يأمره أن يتوجه إلى ربه مستعيذا به أن يجعله مع هؤلاء القوم - إن كان قد قدر له أن يرى تحقيق ما وعدهم به من العذاب . وأن يستعيذ به كذلك من الشياطين ، فلا تثور نفسه ، ولا يضيق صدره بما يقولون :

( قل : رب إما تريني ما يوعدون . رب فلا تجعلني في القوم الظالمين . وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون . ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون . وقل : رب أعوذ بك من همزات الشياطين . وأعوذ بك رب أن يحضرون ) . .

ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في منجاة من أن يجعله الله مع القوم الظالمين حين يحل بهم العذاب الأليم ، ويتحقق ما يوعدون ، ولكن هذا الدعاء زيادة في التوقي ؛ وتعليم لمن بعده ألا يأمنوا مكر الله ، وأن يظلوا أبدا أيقاظا ، وأن يلوذوا دائما بحماه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

وهذا الدعاء فيه استصحاب الخشية والتحذير من الأمر المعذب من أجله{[8538]} ثم نظيره لسائر الأمة دعاء في جودة الخاتمة ، وفي هذه الآية بجملتها إعلام بقرب العذاب منهم كما كان في يوم بدر ، وقوله ثانياً اعتراض بين الشرط وجوابه .


[8538]:من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم مما يكون سببا لجعله مع القوم الظالمين، وكان صلوات الله وسلامه عليه يعلم ذلك، ويعلم أن اله تعالى لا يجعله في القوم الظالمين إذا نزل بهم العذاب، ولكن الله تعالى أمره بذلك إشهارا للعبودية، وليزيد أجره، وليكون دائما على ذكر لربه، ولهذا صلى اله عليه وسلم كثير الاستغفار لربه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

هذه الجملة استئناف بياني جواباً عما يختلج في نفس رسول الله عليه الصلاة والسلام . وقد تحقق ذلك فيما حل بالمشركين يوم بدر ويوم حنين . فالوعيد المذكور هنا وعيد بعقاب في الدنيا كما يقتضيه قوله : { فلا تجعلني في القوم الظالمين } .

وذكر في هذا الدعاء لفظ ( رب ) مكرراً تمهيداً للإجابة لأن وصف الربوبية يقتضي الرأفة بالمربوب .

وأدخل بعد حرف الشرط ( ما ) الزائدة للتوكيد فاقترن فعل الشرط بنون التوكيد لزيادة تحقيق ربط الجزاء بالشرط .

ونظيره في تكرير المؤكدات بين الشرط وجوابه قول الأعشى :

إما تَرَيْنا حفاةً لا نعال لنا *** إنا كذلِك ما نحفَى وننتعل

أي فاعلمي حقاً أنا نحفى تارة وننتعل أخرى لأجل ذلك ، أي لأجل إخفاء الخطى لا للأجل وجدان نعل مرة وفقدانها أخرى كحال أهل الخصاصة .

وقد تقدم في قوله { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ } في آخر الأعراف ( 200 ) . والمعنى : إذا كان ما يوعدون حاصلاً في حياتي فأنا أدعوكم أن لا تجعلوني فيهم حينئذ .

واستعمال حرف الظرفية من قوله : { في القوم الظالمين } يشير إلى أنه أُمر أن يَسأل الكون في موضع غير موضع المشركين ، وقد تحقق ذلك بالهجرة إلى المدينة فالظرفية هنا حقيقية ، أي بينهم .