تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ} (85)

فقال الله له : { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ } أي : بعبادتهم للعجل ، ابتليناهم ، واختبرناهم ، فلم يصبروا ، وحين وصلت إليهم المحنة ، كفروا { وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ }

{ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا } وصاغه فصار { لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا } لهم { هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى } فنسيه موسى ، فافتتن به بنو إسرائيل ، فعبدوه ، ونهاهم هارون فلم ينتهوا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ} (85)

وكان أول ابتلاء هو ابتلاؤهم بالعجل الذي صنعه لهم السامري : ( قال : فإنا قد فتنا قومك من بعدك ، وأضلهم السامري )ولم يكن لدى موسى علم بهذا الابتلاء ، حتى لقى ربه ، وتلقى الألواح وفي نسختها هدى ، وبها الدستور التشريعي لبناء بني إسرائيل بناء يصلح للمهمة التي هم منتدبون لها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ} (85)

فأعمله الله تعالى أنه قد فتن بني إسرائيل ، أي اختبرهم بما صنعه السامري . ويحتمل أن يريد ألقيناهم في فتنة ، أي في ميل مع الشهوات ووقوع في اختلاف كلمة ، و { من بعدك } أي من بعد فراقك لهم ، وقرأت فرقة «وأضلَّهم السامري » على إسناد الفعل إلى { السامري } وقرأت فرقة «وأضلُّهم السامري » بضم اللام على الابتداء والإخبار عن { السامري } بأنه «أضلُّ » القوم ، والقراءة الأولى أكثر وأشد في تذنيب السامري و { السامري } رجل من بني إسرائيل يقال إنه كان ابن خال موسى ، وقالت فرقة لم يكن من بني إسرائيل بل كان أصله من العجم من أهل كرمان والأول أصح ، وكان قصص السامري أنه كان منافقاً عنده حيل وقبض القبضة من أثر جبريل عليه السلام وعلم ما أقدره الله عليه لفتنة القوم أنه يتهيأ له بتلك القبضة ما يريد مما يجوز على الله تعالى لأنه لو ادعى النبوءة مع ذلك العجل لما صح ولا جاز أن يخور ولا أن تتم الحيلة فيه ولكنه لما ادعى له الربوبية وعلامات كذبه قائمة لائحة صحت الفتنة به وجاز ذلك على الله تعالى كقصة الدجال الذي تخرق له العادات لانه مدعي الربوبية ولو كان مدعي نبوءة لما صح شيء من ذلك . فلما رأى السامري مدعيا ورأى سفه بني إسرائيل في طلبهم من موسى آلهة حين مروا على قوم يعبدون أصناماً على صفة البقر ، وقيل كانت بقراً حقيقة علم أنه سيفتنهم من هذه الطريق ، فيروى أنه قال لهم إن الحلي الذي عندكم من مال القبط قبيح بكم حبسه ولكن اجمعوه عندي حيت يحكم الله لكم فيه ، وقيل إن هارون عليه السلام أمرهم بجمعه ووضعه في حفرة حتى يجيء موسى ويستأذن فيه ربه ، وقيل بل كان المال الذي جمعوه للسامري مما لفظ البحر من أموال الغارقين مع فرعون ، فروي مع هذا الاختلاف أن الحلي اجتمع عند العجل وأنه صاغ العجل وألقى القبضة فيه فخار ، وروي وهو الأصح الأكثر أنه ألقى الناس الحلي في حفرة أو نحوها وألقى هو عليه القبضة فتجسد العجل وهذا وجه فتنة الله تعالى لهم ، وعلى هذا نقول : انخرقت للسامري عادة ، وأما على أن يصوغه فلم تتخرق له عادة ، وإنما فتنوا حينئذ بخواره فقط وذلك الصوت قد تولد في الأجرام بالصنعة .